الثلاثاء، 18-08-2020
04:02 م
استغراب مجتمعي ودهشة جراء حصول 78 طالبا في التوجيهي على علامات كاملة 100 %، اضافة للارتفاع العام بمعدل العلامات لآلاف ممن حصلوا على معدلات تزيد على 95 %. تساؤلات مشروعة عن جودة الامتحان ومنطقية العلامات، والى اي مدى ستؤثر في اسس القبول الجامعي، وهل كل ذلك متسق مع الاستراتيجية الوطنية للموارد البشرية التي تقول بالتنوع بين المهني والاكاديمي، وان لا نصبح مجتمعا من حملة الشهادات الاكاديمية الباحثة عن وظيفة؟ هذه النتائج باعتقاد الغالبية ضربت مصداقية الامتحان الوطني الاهم، وقللت من جودته، واصبحنا مثل دول كنا نستهجن من معدلات ثانويتها العامة، بل وننقص من معدلات طلابها عند حساب تلك المعدلات لاغراض القبول في الجامعات الاردنية. ليس هذا فحسب، فالامتحان ونتائجه سينعكس على التعليم الجامعي وجودته، ولن يمضي زمن طويل حتى تصبح شهاداتنا الجامعية ليست بذات القيمة والسمعة التي تحظى بها الان. لكل هذه الاسباب والتساؤلات فلا بد من الانتباه فورا وضبط هذا الشأن الوطني الهام.
مجرد الحديث عن صعوبة الامتحان من عدمها ترتبط بقناعات واسلوب وشخص الوزير المعني امر في غاية الخطورة والضرر، فالاصل في امتحان الثانوية العامة ان يكون حياديا موضوعيا معياريا، يقيس بمهنية جودة اداء الطلبة، ويمايز بين قدراتهم، يضعه مختصون محترفون لا يخضعون لأية اهواء سياسية او شخصية للمسؤولين عنهم. الجدل والنقاش نفسه ينطبق على كل عناصر العملية التعليمية من مناهج ومعلمين ومدارس، ومن هنا تأتي اهمية المركز الوطني لتطوير المناهج لانه احد اهم الضمانات التي تحفظ حيادية مناهجنا وعلميتها بعيدا عن اية تجاذبات تجلبها الحكومات معها.
ثمة جدل عميق في الدولة الاردنية بين فكرة عدم التشدد بالامتحانات والقبول بالجامعات والتيسير لكل من يريد الحصول على توجيهي وشهادة جامعية وان يترك للسوق ان يفرز الصالح من عدمه، وفكرة وضع المعايير والضوابط لكي نضمن ان يدخل الحياة الاكاديمية من هو مهيأ لذلك والبقية من ابناء المجتمع تذهب لاعمال الاقتصاد غير الاكاديمية المهنية المحترمة وهذه ضرورة مجتمعية. الكفة للان تميل للفكرة الاولى على اعتبار ان عدم السماح للطلبة والتسهيل عليهم الحصول على تعليم مدرسي وجامعي سيزيد حالة الاحباط لديهم ويجعلهم ربما مهيئين للتطرف. لكن ربما ان العكس هو الصحيح، فالمتعلم اكاديميا والحاصل على شهادة سهلة ولا يجد فرصة عمل تليق هو الاكثر عرضة للاحباط وربما التطرف لانه حصل على شهادة وسقف توقعاته قد ارتفع لانه جامعي الان.
الاصل ان تصبح الامتحانات كما يجب ان تكون؛ وسيلة معيارية لقياس الاداء بدقة وفرز الكفاءات والقدرات لافراد المجتمع بحسب الامكانات الاكاديمية والمهنية وهو ما يحدث في كل دول العالم المحترمة، وحتى تقل حدة الانجراف نحو الاكاديمية، فالاصل الاعلاء من شأن الاعمال المهنية وان يكون دخلها بحسب خطورة العمل او صعوبته، وهو ما يحدث بشكل متدرج فكثير ما نرى الفنيين اعلى دخلا من الاداريين الاكاديميين لما لعملهم من صعوبة، وندرة في المجتمع.