لا يمكن للوضع في مدينة القدس والضفة الغربية أن يبقى كما هو، إذ إن المؤشرات تتوالى وتؤكد ان الوضع في المدينة المحتلة، وكل الضفة الغربية، قد ينفجر بشكل كامل خلال اسابيع فقط.
تأثيرات الوضع في القدس، سوف تمتد داخل فلسطين، وربما خارجها، وكل محاولات إطفاء النار التي تشتعل، قد تنجح كليا، وقد لا تنجح ابدا، وعلينا أن نلاحظ ان هناك تغيرات في رد الفعل الفلسطيني، خارج سيطرة التنظيمات المعتادة، وخارج ادارة سلطة اوسلو بكل ماتعنيه الكلمة.
صباح يوم امس، قام عشرات المستوطنين الاسرائيليين، باقتحام المسجد الأقصى، وهناك توقعات بأن يشهد يوم الثامن عشر من الشهر المقبل، توترا كبيرا قد يؤدي الى انفجار دموي عام، بسبب تخطيط جماعات اسرائيلية محمية من الجيش لاقتحامات واسعة للمسجد الأقصى، فيما يسمى عيد الحانوكاة، والذي يستمر لمدة ثمانية أيام من يوم الأحد حتى الخميس.
علينا أن نلاحظ ان الاسرائليين ايضا، يواصلون التحدي، برغم العمليات الفلسطينية التي تقع ضدهم، وكان آخرها تفجير عبوتين ناسفتين في مكانين متقاربين بما أدى إلى مقتل إسرائيليين اثنين وإصابة سبعة وأربعين بجروح متفاوتة، واذا كانت اجهزة الامن الاسرائيلية لم تعتقل المنفذين حتى الآن، وقد تنجح في اعتقالهما او لا تنجح، فإن الاهم ان عمليتي القدس، قد تتكرران في مواقع مختلفة، داخل القدس، او في مدن فلسطين 1948.
كل هذا يلتقي مع امرين اولهما خط الحكومة الاسرائيلية الذي يميل الى التصعيد السياسي والامني والعسكري، من التهديد بالانتقام من غزة ردا على عمليتي القدس، مرورا بتركيبة الحكومة الاسرائيلية، والسياسات التي سيتم اتباعها في ملف القدس، والمؤكد هنا ان العنوان الاسرائيلي المقبل سيكون خطيرا جدا، وثانيهما دخول سلطة اوسلو في أسوأ مراحلها بسبب عمليات التمشيط الامني ضد الفلسطينين، ومساعدة الاحتلال، وحفظ امنه، والتنكيل بشكل سيئ جدا وفقا للمعلومات المتسربة بالفلسطينيين، وسط تعقيدات سياسية، واقتصادية، بما يجعلها سلطة مؤهلة للانهيار في اي لحظة، وفقدان الاسرائيليين لميزة نيابتها عنه في ادارة الضفة الغربية.
تتجمع هذه العوامل معا، في توقيت واحد، وجدولة هذه الازمات قد لا تتم كما هو مخطط، وكما هي الاتصالات السرية مع عواصم غربية، وبين عواصم غربية وتل ابيب، من اجل التهدئة داخل القدس والضفة الغربية، خصوصا، ان محاولات التهدئة، لا تنزع عوامل الانفجار الاساسية، بل تحاول شراء الوقت، بشكل قد لا يكون مفيدا هذه المرة، بمعيار الدبلوماسية الساعية الى تخفيف الاحتقان، واستبدال حقوق الفلسطينيين السياسية، بالتمكين الاقتصادي، وهي وصفة فاشلة جداً، ادت عمليا منذ نشوء سلطة اوسلو الى اغراق اهل الضفة الغربية بديون تتجاوز 11 مليار دولار لمصارف الضفة، وتقييدهم تحت عناوين استهلاكية، ومالية، من خلال توظيفهم وتسهيل حصولهم على القروض، والحاقهم بماكينة الذين يلاحقون رغيف الخبز فقط.
من المؤكد هنا اننا ندخل مرحلة توحش اسرائيلية، على كل المستويات، وهي مرحلة ستؤدي الى ردود فعل على طريقة عمليتي القدس، ان لم يكن اكثر، ومحاولات الاطفاء لن تجدي نفعا، هذه المرة لاعتبارات كثيرة، بما يجعلنا امام تساؤلات حول مجمل الوضع والى اين يأخذ الجميع؟.
علينا ان نستعد لما قد يجري في الضفة الغربية بما فيها القدس، لان الانفجار هذه المرة، قد لا ينجح كثيرون في نزع صواعقه، مع كل المؤشرات السابقة التي نراها وتختلف عن كل مرة.