منذ وعيتُ – هذا إذا وعيتُ للآن – وأنا أسمع عن المستقبل.. وكبرتُ قليلًا وقيل لي غدًا في المستقبل سوف وسوف وسوف.. ومشى بي الزمان قليلًا أكثر ولمّا سألتهم عن المستقبل والتسويفات التي لم تحدث؛ قيل لي: اصبر قليلًا المستقبل في الطريق إليك..!
جهزتُ كلّ شيء.. فرشتُ السجاد الأحمر.. أعددتُ قصائد له.. استأجرتُ ألف طفولة وطفولة وحمّلتها أزهارًا وورودًا وأوقفتها في كل الشوارع كي تستقبل المستقبل معي.. لكنه لم يُطلّ ولم يبعث بأية مسج للاطمئنان..!
قدمتُ شكوى رسمية.. ناشدته في كل الإعلام.. وضعتُ مليون إعلان في كل فضاء.. أوصيتُ نساء الحي وكلّ فتاةٍ حالمة أن ينسجن له تمائم من عطر العشّاق.. ركعتُ على ركبتيّ أمام كلّ الفقراء والمسحوقين والمهمّشين أن يبتهلوا معي وأن يكون كلّ دعائهم أن يأتي المستقبل.. أو يبعث لنا صورة حيّة من أي موبايل.. لكن لم يستجب..!
أطالب الأمم المتحدة.. والانتربول .. وكل الدول.. وكل الأحزاب.. وكل التجمعات.. وكل اثنين اثنين .. أن يلقوا القبض على المستقبل.. لا لكي نعيشه.. لا لكي نراه.. لا لكي نتصور معه.. بل لنصدّق أن هناك مستقبلًا فعلًا وليس مجرد كذبة كبرى. أيّها المستقبل لا تأتِ لأنني أنا من سيترفّش في بطنك..!