من المقرر أن تعرض اللجنة القانونية في مجلس النواب يوم الأحد المقبل مشروع قانون لمنع استيراد الغاز الإسرائيلي، استجابة لطلب تقدم به 58 نائبا.
المجلس سيصوت بأغلبية ساحقة على المشروع المقترح، وسيتم إرساله على الفور للحكومة.
ما من أحد في مجلس النواب يأمل بخطوة أبعد من ذلك، لكن السير في الإجراء التشريعي من طرف النواب أمر لا بد منه لإبراء ذمة المجلس وتسجيل موقف للتاريخ، في الفصل الأخير من عمره وقبيل انتخابات نيابية مقررة دستوريا الصيف المقبل.
الإطار الدستوري يمنح الحكومة هامشا واسعا للمناورة، ولا يلزمها بموعد للتقدم بمشروع قانون بهذا الخصوص لمجلس النواب، مثلما أن الجدل حول الصياغة والمقاصد القانونية سيأخذ حيزا واسعا من النقاش.إذ يرى تيار من القانونيين بأن المشروع المقترح يتعارض مع قانون معاهدة السلام بين الطرفين. هذا الرأي على وجاهته يقابله رأي ثان مخالف، يجزم بحق السلطة التشريعية في سن التشريع المذكور، دون أدنى تعارض مع قانون المعاهدة.
اتفاقية استيراد الغاز الإسرائيلي المبرمة مع شركة نوبل أنيرجي الأميركية دخلت حيز التنفيذ منذ أسبوعين. ولاعتبارات قانونية واخرى فنية تتصل بهوية البائع وشروط الاتفاقية وخطط التزود لدى شركة الكهرباء الوطنية، نجت عملية تدفق الغاز من مأزق العلاقات السياسية شبه المقطوعة بين الأردن وإسرائيل.
مجلس النواب وحسب الفتوى الصادرة من المحكمة الدستورية ليس له الحق بمناقشة الاتفاقية لأنها موقعة بين شركتين وليس حكومتين، لكن قانونيي كتلة المعارضة في”النواب” التفوا على هذه الفتوى باقتراح مشروع قانون يمنع استيراد الغاز من إسرائيل دون أي ذكر للاتفاقية.
والهدف من هذه الخطوة سياسي بامتياز، إذ لم يكن هناك نقاش جدي للاعتبارات الاقتصادية للاتفاقية، وحتى إن حصل ذلك في مرات قليلة، فإن أحدا من المعارضين تجنب الرد على السؤال، ماذا لو كانت الاتفاقية مجدية من الناحية الاقتصادية؟ والسبب أن الموقف السياسي من الغاز يطغى على كل الاعتبارات على المستوى الوطني العام. وفي مختلف استطلاعات الرأي التي أجريت في السنتين الأخيرتين، سجلت النتائج معارضة شعبية مكتملة لمبدأ الاتفاقية، ولسبب وحيد هو أن طرفها الثاني إسرائيل.
لكن خطوة النواب على رمزيتها، ليست بلا قيمة كما يعتقد البعض.إنها دليل قوي وقاس على كلفة العلاقة مع إسرائيل والتعاون الاقتصادي مع الكيان المحتل، في غياب السلام العادل والإقرار بحقوق الشعب الفلسطيني التاريخية. ينبغي على إسرائيل أن تدرك بأن قدرة الحكومة الأردنية على السير في مشاريع مشتركة، الآن وفي المستقبل، محدودة جدا، لا بل معدومة، مع استمرار الاحتلال في سياساته المعادية للسلام. ولو لم تكن اتفاقية الغاز قد وقعت قبل ثلاث سنوات من هذا التاريخ، لما تمكنت أي حكومة من توقيعها في الوقت الراهن. وليس سرا أن دوائر رسمية مغلقة قد خاضت في نقاش جدي قبل أشهر لبحث احتمالات الانفكاك من الاتفاقية، لكنها وجدت صعوبة في تحقيق ذلك لاعتبارات قانونية ومالية وسياسية لأنها موقعة مع شركة أميركية بالدرجة الأولى.