تشعر الحكومة ان الورطة الأكبر في قطاع الطاقة هي مشروع الصخر الزيتي الذي يلزمها بشراء الكهرباء بسعر مرتفع سيبلغ اضعاف سعر توليد الكهرباء المتوقع في السنوات القادمة.
قمت بحسبة سريعة للارقام المقدمة لنا عن مشروع الصخر الزيتي لانتاج الكهرباء: اجمالي المبلغ الذي ستدفعه الحكومة (شركة الكهرباء الوطنية) هو 400 مليون دينار سنويا على مدار 26 عاما أي ما مجموعه 10 مليارات و400 مليون دينار. الكلفة التأسيسية للمشروع هي 2 مليار و100 مليون دولار . ولو اشترت الحكومة المشروع كله بمبلغ ملياري ديناروبقرض تسدده على مدار 26 سنة بفائدة مركبة 5 % تكون قيمة القرض والفوائد في نهاية الفترة هي 4 مليارات و 600 مليون أي ان القسط السنوي للدين وفوائده سيبلغ 177 مليون دينار سنويا وبإضافة الكلف التشغيلية فلنقل ان الانتاج السنوي سيكلف 200 مليون!
لعل الامور اكثر تعقيدا من هذا التبسيط الحسابي، فمثلا السعر ليس واحدا بل يقوم على معادلة تناقصية تدخل فيها عوامل متغيرة. المهم أن الوزارة ترى ان ثمن الكهرباء من هذا المشروع باهظة جدا وسترهق قطاع الطاقة وشركة الكهرباء الوطنية المديونة اليوم بخمسة مليارات ونصف المليار دينار. وأن شراء المشروع كله هو احد الحلول الممكنة التي توفر كثيرا على الدولة.
الاستراتيجية الاساسية في قطاع الكهرباء هي البحث عن مصادر جديدة للتوليد أفضل وأرخص وأكثر استدامة. لكن المفارقة العجيبة اليوم ان لدينا اليوم فائضا في الانتاج لا نحتاج معه ولا نستطيع الذهاب لأي مشاريع جديدة لأن الكهرباء الوطنية – الحكومة ملتزمة بعقود للشراء من المشاريع الموجودة وبالاسعار العالية وبكميات متفق عليها ولأعوام طويلة قادمة. وهكذا تبدو كل الاتفاقيات القائمة من الطاقة المتجددة وكأنها كبلتنا سلفا ومنعتنا عن مشاريع الطاقة المتجددة وقد اصبحت كلفتها اقل عدة مرات مما كانت عليه قبل بضع سنوات.
طيب ، كيف نحل هذا الأمر الشائك ؟ وماذا تقول عنه الاستراتيجية الشاملة لقطاع الطاقة ( 2020 – 2030)؟! لا شيء تقريبا سوى عدم تجديد العقود التي تنتهي مدتها. ومعالي وزيرة الطاقة التي التقت كتابا اقتصاديين واعلاميين لمناقشة الاستراتيجية الجديدة شخصت الموقف بصورة صحيحة وصريحة لكن لم يكن لديها أي حل للمشكلة.
ربما كانت هذه الالتزامات منطقية في السابق وربما كان هناك محسوبية وتنفيع والحاصل انها اليوم تقلص هامش الخيارات المستقبلية في مجال انتاج الطاقة الكهربائية وهذا واضح في استراتيجية الطاقة وخطتها التنفيذية وهي استراتيجية جيدة ومتعوب عليها جيدا. لكن زملاء عبروا عن خشيتهم ان تلقى مصير استراتيجية العام 2007 ولذلك اقترحوا مراجعة سنوية لتقييم التطبيق وما قد تحتاجه في ضوء الواقع من تعديل وهذا ينطبق خصوصا على قطاع الكهرباء وسنعود للأمر في مقال لاحق.