الإثنين، 25-10-2021
04:20 م
هذه ليست أول مرة يتم الكلام فيها عن فساد الغذاء، وتلوثه، إذ في التسعينيات فجر الوزير الراحل عبد الرحيم ملحس، قضية الغذاء والدواء، ومنذ ذلك الوقت ندور حول أنفسنا.
هذه المرة تخرج علينا الدكتورة سناء قموه مديرة مختبرات الغذاء والدواء في المؤسسة العامة للغذاء والدواء سابقاً، لتقول إن هناك تلوثا في بعض المواد الغذائية في الأردن، مثل القمح، اللبنة، والألبان، والأسماك، وغير ذلك، وإن الفحوصات تثبت دوما وجود مواد مخالفة مثل المكونات الفسفورية، وغيرها، بشكل يتسبب بأمراض ويؤدي إلى مضاعفات صحية كبيرة.
ذات الدكتورة تضيف وتقول إن منتجات الحليب في السوق المحلي من حليب بودرة، وأجبان، ولبنة، يتم تحضيرها من مستحضر لا تستطيع الحديث عنه بأنه حليب وتختلف نسبة البروتين فيه عن الحليب الأصلي وهو ليس حليبا بل مخلفات التصنيع في بلدان أخرى، ويضاف له زيوت مهدرجة التي قد تؤدي للسرطانات، وهناك الكثير من مكوناته من أصول نباتية، وأن الفحوصات التي تتم على إرساليات الأسماك لا تشمل فحص الأدوية البيطرية والمركبات التي تؤدي لسرطانات، وهناك أنواع مسرطنة تدخل في الأسماك داخل المزارع وخاصة في فيتنام ويتم إضافة الأدوية البيطرية المسرطنة داخل الغذاء المكون من مخلفات عضوية أو الماء، مفضلة الابتعاد عن سمك الفيليه الفيتنامي، مشيرة إلى أنه تم أخذ عينات من صوامع القمح وأخذ 3 عينات منها بتواريخ مختلفة وعثر على 11 مركبا عضويا فسفوريا كان أحدها يتواجد بـ 33 ضعف الحد المسموح به، وأقل حد كان 3 أضعاف، والأصل أن يتم فحص المبيدات الحشرية في القمح وليس فقط الفحص الظاهري، إضافة للمبيدات التي ترش داخل الصوامع، وأكدت أنه يوجد ببعض أنواع الأرز في الأسواق، 22 ضعفا من المركبات العضوية الفسفورية المسموح بها.
تناقش الدكتورة سناء وضع عدة مواد غذائية اضافية، في كلام خطير، ردت عليه المؤسسة العامة للغذاء والدواء على لسان مدير الغذاء في المؤسسة العامة للغذاء والدواء أمجد الرشايدة الذي قال إن الغذاء في الأردن، وإن مؤسسة الغذاء والدواء ستنشر بيانا تفصيليا للرد على الأخبار التي تتحدث عن وجود مواد مسرطنة في بعض المواد الغذائية المستوردة، مضيفا أنه لا يمكن إدخال أي مادة غذائية للأردن دون مطابقتها للقواعد الفنية، وما يشاع عن وجود مواد مسرطنة في القمح والسمك وغيرها من المواد غير علمي وغير دقيق.
في كل الأحوال هذا الكلام خطير جدا، لأن الشكوك تسود بشأن كل شيء، حتى على مستوى الخضراوات والفواكه التي تم منعها من التصدير في مرات، بسبب اعتراضات الدول المستوردة على جودتها، كما أن هذا الكلام يؤدي إلى تداعيات كبيرة، من حيث حالة اليقين التي تبددت في الأردن، بشأن كل شيء، من شربة الماء، إلى غير ذلك، وهذا أمر سلبي جدا، يتوجب التوافق عليه لحله من الأساس، بدلا من الدخول في معركة تراشق بالاتهامات بين كل الأطراف، خصوصا، أن كل طرف يريد تحميل المسؤولية لطرف ثان، فيما يستمع الأردنيون إلى كل هذه التفاصيل، ويشعرون بعدم الأمان إزاء حياتهم، وحياة أولادهم وبيوتهم.
الدكتور عبد الرحيم ملحس، رحمه الله، كان قد فجر هذا الملف منذ مطلع التسعينيات حين تحدث عن فساد الغذاء والدواء، والبعض يتحدث عن المعايير غير الآمنة لفحوصات الغذاء في الأردن، ووجود شبكات وحيتان يقفزون فوق كل التعليمات، ولديهم نفوذ، ووسط هذه الأجواء لا يعقل أن يبقى الناس في حالة شك كبيرة، خصوصا، حين يتحدث وزراء صحة، أو مسؤولون سابقون في مؤسسات مختصة بالغذاء والدواء، فهؤلاء ليس لهم مصلحة شخصية، ولا يريدون فقط، مهاجمة غيرهم أو إثارة الأجواء بطريقة سلبية.
سواء نفت الجهات الرسمية، أو لم تنف، علينا أن نتذكر أن كلام الدكتورة سناء قموة، ليس جديداً فقد تحدث به مسؤولون مختلفون، وهذا الكلام لا يجب أن يدفع أحدا لإسكاتها أو الانتقام منها، لكن الأصل أن يدفع الحكومة والجهات الرسمية، لفتح هذا الملف، حتى لا يتم قتل الأردنيين بشكل بطيء كل يوم، دون أدنى مسؤولية من أحد في هذه البلاد.