الموضوع برمته مكشوف تماما ، لكننا لا نفكر فيه تماما لحظة حصوله، ولا نتذكر أصلا من أدخل هذه الموضة في نسيجنا النفسي. لعلهم الساخرون الأوائل فيما يسمونه حاليا (الستاند أب كوميدي)، وهو الكائن الذي يقف أمام الجمهور، ويشرع في الثرثرة بقصد الإضحاك. لعل أحد الشاطرين من قليلي الموهبة، في زمان عتيق، لم يعتمد تماما على ضحكات الجمهور ، بل استأجر عدة أشخاص ، ودسهم بين المستمعين ، بقصد أن يضحكوا بعنف بعد كل نكتة أو قفشة يقولها. والهدف طبعا هو نقل عدوى الضحك الى الجمهور من أجل انجاح العرض قسرا.
انتقلت هذه الطريقة الى البرنامج الدعاية التي تروج للمنتوجات التجارية ، ونجح الدكتور (أوز) في نقلها الى البرامج الطبية ، وصرت تسمع صرخات الإعجاب المشتراة ، عند الترويج لمادة طبية ، وخصوصا تلك المواد الخاصة بعمليات التنحيف، حيث تربح الشركات الملايين عندما تشتري أنت هذه المادة لمرة واحدة على الأقل . طبعا انتقلت هذه العدوى الى معظم البرامج الترويجية ، لجميع أنواع السلع.
أنا –والحمد لله على قول أنا-أشعر بالإكتئاب إذا اضطررت لمشاهدة هكذا كائنات مسكينة تضحك وتندهش وتطلق صوتيات الإعجاب على كبسة زر، لمجرد الحصول على قروش قليلة. أنها تمثيليات من نوع صناعي، حيث البطل هو المروّج، والبقية جميعهم كومبارس من الدرجة العاشرة والنصف.
هؤلاء المتكسبون الصغار لا يدركون كم أنهم يلحقون بالناس من الأذى، حينما يقنعونهم بشراء منتجات لا تستحق أي ذرة من الإعجاب ، لكن الناس يثقون بالصوت والصورة الخارجة من الشاشة الفضية. وقد تكون بعض هذه المواد مضرة ، يعني أن الشباب يشتغلون كقتلة ماجورين مقابل دراهم إسخريوطية.
لكن ضرر هؤلاء يصير مجرد لعب أطفال إذا ما قارناه بزملائهم الذين يعملون في حقل ترويج الأفكار العفنة، بذات الطريقة تماما. وهذا ما يجيده سياسيون في كل مكان، حيث ابتكروا مجموعات – متناقضة ومتصارعة أحيانا-من المطبلين والمزمرين والمتأوهين إعجابا بما يقوله أصحاب السياسة، مما يبني حول السياسي هالة وهمية من الهيبة والرهبة المزيفة.
عزيزى القارئ
تلفت حولك وسوف تراهم في كل مكان ...سيماهم في وجوههم، التي تنقّط انتهازية.