الأزمة الأكثر أهمية، ستظهر خلال أشهر حزيران، وتموز، وآب، أي خلال الأشهر التي يعود فيها مئات آلاف الأردنيين من مغترباتهم إلى الأردن.
هذه أزمة بحاجة إلى سيناريوهات منذ الآن، ونحن أمام أكثر من تصنيف للعائدين، الأول الذين خسروا أعمالهم في دول العالم، والمؤشرات تدل على أننا أمام أعداد ليست قليلة، وبعض هؤلاء مضطر حكما أن يغادر، بعد انتهاء إقامته، أو عمله، هو وعائلته، أو وحده إذا لم تكن عائلته معه، والثاني يتعلق بالذين انخفضت دخولهم، وتراجعت مداخيلهم المالية، وهؤلاء سيرسلون عائلاتهم من أجل التسجيل في المدارس الحكومية، وسيبقون في الخارج، خوفا على وظائفهم، وسنشهد عودة العائلات دون الآباء، في حالات كثيرة، والثالث عودة العائلة بأكملها من أجل إجازة الصيف، وكل صيف يزور الأردن مئات آلاف الأردنيين من القادمين من كل دول العالم، وهناك بالطبع عائلات لن تعود خلال الصيف، وستفضل البقاء حيث هي، توفيرا للنفقات، أو خوفا من العدوى، وترقبا لما سيأتي به المستقبل.
ثلاثة أنواع من المغتربين، سيطرقون البوابات للعودة، وسيواجه هؤلاء أيضا مشاكل مختلفة، من أبرزها أن تكون هناك رحلات منتظمة، بين الأردن، والدول التي يتواجدون فيها، مثلما أن المشكلة الأخرى، تتعلق بقدرة الأردن على إدخال هؤلاء، في ظل استحالة حجر الجميع في فنادق وشقق، فيما خيار إجبارهم إحضار شهادات خلو من كورونا، قد يكون منطقيا، على الرغم من أن دولا كثيرة لا تمنح هذه الشهادة حتى الآن، إضافة إلى أن الشهادة تعطى على أساس الفحص، في اليوم ذاته، ولا تقدم ضمانة أن لا يتم التقاط العدوى في المطارات والطائرات ومن مسافرين آخرين، وعبر استعمال وسائل النقل للوصول إلى المطارات.
أنا لا أتحدث هنا عن الطلبة، وإنما عن مليون أردني يعملون ويعيشون في الخارج، في دول عربية وأجنبية، وبعضهم يحمل جنسيات الدول التي يعيشون فيها، وقد يخفف من ظاهرة العودة خلال الصيف، قلق هؤلاء على أوضاعهم الاقتصادية، في ظل التغيرات الجارية في العالم، أو توفيرا للنفقات، لكن هذا لن يلغي عودة كثيرين، من القادرين ماليا، أو حتى المتضررين جراء خسارة وظائف العمل، بحيث تعود كل العائلة، أو الخسارة الجزئية بحيث تعود العائلة، ويبقى الأب في الخارج.
هذا ملف معقد، من ناحية صحية، وهناك وجه آخر للتعقيدات يرتبط بوضع مدارس وزارة التربية والتعليم التي عليها أن تستعد منذ الآن، لموجة تسجيل كبيرة لكثير من أبناء العائلات العائدة كليا، أو العائدة جزئيا، دون رب العائلة، إضافة إلى التعقيد المرتبط بحاجة العائدين إلى وظائف، في ظل البطالة، وخسارة البعض لوظائفهم هنا في الأردن، بسبب إغلاق الوظائف من جانب المؤسسات والشركات.
من جهة معينة لا يستطيع الأردن إغلاق المطار إلى ما لا نهاية، ولا يستطيع حكما أن يمتنع عن استقبال مواطنيه خصوصا ممن انتهت إقاماتهم، وتفرض عليهم الدول التي يعملون فيها المغادرة، في ظل اتفاقات موجودة أساسا بين الأردن وهذه الدول، وهذا جانب آخر حساس من جوانب القصة التي سنتعامل معها عبر المطارات، أو حتى عبر الحدود البرية التي تأتينا بالأردنيين من دول عديدة في العالم العربي.
قد يأتي من يقول إن الوباء ينحسر، لكن كل التحليلات تتخوف من موجة ثانية من الوباء، ولا ضمانة أساسا أن لا تحدث هذه الموجة، ولعل كثرة من المختصين تنصح القادرين من المغتربين على البقاء في البلاد التي يتواجدون فيها، خلال هذا الصيف، وهذه النصيحة أيضا لها كلفة اقتصادية على الأردن، الذي يستفيد أيضا على صعيد عودة المغتربين كل صيف، مثلما أن هذه النصيحة، قد لا تكون منطقية أمام توقع عودة آلاف الأردنيين وعائلاتهم صيفا، بسبب إنهاء عقودهم، وبحيث ستكون العودة هنا إجبارية، ولا مفر من التعامل معها.
نريد منذ الآن، ونحن في اليوم الأخير من شهر نيسان، أن نستعد لهذه المرحلة، بكل حساسيتها، خصوصا، أن آلاف الأردنيين في دول كثيرة يبرقون منذ اليوم إلى وزارة الخارجية، ويطلبون إيجاد حل لهم من أجل العودة، بعد أن خسروا أعمالهم فعليا، ويجلسون بلا دخول ولا وظائف، ولا يستطيعون العودة إلى الأردن.