يواجه الشاعر العذب الصديق هشام عودة مرضه ومصيره بجدارة وجسارة وإيمان وكبرياء، تجعله ملهِماً لمئات آلاف المصابين بمرض السرطان.
يضعنا أبو الطيب في تفاصيل ما يمضّه وما يهدّه، وما يمدُّه بالعزم والصبر على الابتلاء.
نجح الشاعر هشام عودة في تكريس مقولة أرنست هنمجواي في روايته الشيخ والبحر «الإنسان قد يدمر لكنه لا يهزم»، فما بالك إذا كان هذا الإنسان كاتباً ذا تجربة وبأس ومراس !! الكاتب فقط هو من يهزم نفسه، إذا كان متلوناً هشّاً بلا هدف وبلا قضية !! نجح هشام في إشراكنا بمعركته الطاحنة مع السرطان. جعلنا نترقب وندعو بالشفاء له ولكل مبتلًى.
ولا أفصلُ قدرةَ هشام عودة على المقاومة والصبر والإيمان، عن بنية شعبه العربي الفلسطيني، شعب الجبارين، الذي يتمتع ببنية روحية وإيمانية هائلة تيقّنه من الثقة بالنصر والحرية. والكاتب الشاعر هشام عودة، كما يستمد من شعبه العظيم، يمدُّ ويضخ في أوردة شعبه العظيم، المزيد من الثقة.
مهمة الكاتب على مر العصور، ليست مقاومة الإحباط والسلبيات وروح الانهزام والتسليم والانقسام فحسب، بل بث روح المقاومة وبشارة النصر ويقين الظفر. هنا نموذج مما كتبه هشام عودة:
«منذ بدأت معركتي الشرسة في مقاومة السرطان كنت واقفاً، غير أن الأسبوع الأخير أنهك جسدي وأصبحت شخصاً آخر لا قدرة لي على الحركة ولا على المقاومة، إذ ان شبح الموت رافقني على مدار الأسبوع. ومع قناعتي المطلقة وإيماني الراسخ بأنني سأعود قوياً إلا أن الألم كان حاداً والمواجهة لم تكن متكافئة، ولكنني لن أرفع الراية البيضاء».
هذه الروح العظيمة، التي وهي في ذرى المحنة، تدفع بنا إلى الأمل وتحثنا على المقاومة وتُصغّر ما فيه البعض من مرضٍ و بلاء، ستظل تشكّل قدوة ونموذجاً لا يضاهى في روعته. صراع هشام مع المرض، بهذه الروح الجبارة، هو مقطع عرضي بهي، لصراع الإنسان مع الشر والظلم والاحتلال والفساد والإرهاب والاستبداد. وثمة نماذج أخرى مذهلة في قدرتها وجبروتها، يشكل الكاتب عبد الجبار ابو غربية أحدها.