الأربعاء، 29-09-2021
04:55 م
في حكومة سابقة، تم تكليف أحد الوزراء بتسيير أعمال وزارة أخرى، بالإضافة إلى وزارته، وقدم هذا الوزير نموذجا من الأداء يثير الإعجاب، ولم يثر هذا الأداء إعجابي في البداية، بل إنني اعتبرته وزيرا (مضبوعا)، وقلت ربما تعرض لموقف مشابه او قام بمثل هذا الواجب سابقا، وتم استغلال عدم إلمامه بالوزارة التي تم تكليفه بإدارة شؤونها إضافة لوزارته الأصيلة، و(الملدوغ يخشى من جرّة الحبل)، لكن تبين لي فيما بعد أن الوزير المكلف حريص، حرصا ينم عن خبرة كبيرة بثقافة الوظيفة العامة وادارتها من قبل كل الموظفين الذين هم في موقع أقل من وزير.. حيث كان لا يوقع بسهولة على أية معاملة في وزارة التكليف، إلا بعد أن يدقق في كل صغيرة وكبيرة، ويبحث عن أصل أية معاملة تقدم له بالبريد اليومي، ويتأكد من حقيقة وجود أو عدم وجود (سيرة ذاتية) لهذا الموضوع او القرار المعروض عليه للتوقيع، وقد كان ذلك بالطبع على حساب العمل ومصالح الناس، لكنه كان أقرب للنزاهة، التي قد تتبدد حين يتم تكليف وزير بشؤون وزارة غير وزارته، وينشط أصحاب المطالب التي قوبلت بالرفض سابقا، ليقدموها في (جمعة مشمشية) لوزير (غايب فيلة)، أو لا يدقق ولا يكلف نفسه بمعرفة المزيد عن قرارات يوقعها في وزارة لا يعرف عنها الكثير، ولا عن الفريق الذي يقودها.. وقبل أن أغلق حكاية هذا الوزير، قام وقبل أن ينتهي تكليفه، بل وتغيير كل الحكومة فيما بعد، قام بتوقيع كل القرارات التي أرجأ توقيعها، وأغلبها متعلقة بتنقلات وترفيعات وشؤون موظفين.. في الواقع تتكاثر قضايا وأعمال شؤون الموظفين حين يأتي وزير وحين يغادر، وتتزايد مع تكليف أي وزير بوزارة إضافة لوزارته.
أذكر هذه القصة، لأنني مسرور بصراحة، من أن وزير الصحة الحالي الأستاذ الدكتور فراس الهواري، الذي ذكرت وزارته ووظيفته في مقالتي المنشورة الأحد الماضي، والتي كان عنوانها (وزير الصحة والقضاء الأردني)، وسبب سروري أنني اكتشفت أن من وقع ذلك القرار لم يكن الهواري، رغم ان قرار الموافقة على فتح تلك الصيدلية المخالفة كان بتاريخ 28 آب الفائت، بل إن من وقعه هو وزير البيئة، حين تم تكليفه آنذاك بالوكالة ليحل محل وزير الصحة، وهذا لا يعني بأن وزير البيئة قد أخطأ، بل أخطأ من تعمّد أن يقدم له تلك المعاملة دون ان يقول له بأنه قد سبق للقضاء الأردني، ومن خلال المحكمة الإدارية العليا، قد ألغت قرارين لوزيري صحة سابقين، بترخيص هذه الصيدلية..
بالطبع سيجري تصويب هذا القرار، بل وتصويب أداء بعض الموظفين الذين يقدمون مثل هذه المعاملات للوزراء، سواء أكان هؤلاء الموظفون يحيطون علما بشأن المعاملات ام لا يعلمون عنها شيئا، ووقعوا هم بدورهم في شرك التضليل.
اقتضى التنويه، وهو واجب ودور نقوم به كصحفيين ووسائل إعلام وطنية مهنية، حيث لا نقبل على وطننا ومؤسساتنا وقبل ذلك على أنفسنا، أن نقدم حقائق منقوصة، قد نسيء من خلالها لمسؤولين يريدون العمل، ويحملون الأمانة، ولا يقبلوا بأن يتم استغلال وظيفتهم من قبل البعض، لتقع الحكومات وأعضاؤها فريسة للإشاعة والإساءة..
وعذرا لوزير الصحة وشكرا.