في خطوة لاستعادة تنافسيتها بعد جائحة كورونا، أطلقت إسبانيا حزمة مساعدات تزيد قيمتها على 4.7 مليار دولار لدعم قطاع السياحة، وللترويج للبلاد كوجهة آمنة بعد التأثيرات القوية الناتجة عن انتشار الفيروس، في الوقت الذي تخلو فيه مالية هيئة تنشيط السياحة الأردنية من أي مبالغ للترويج للمملكة خارجيا بعد سحب مخصصاتها البالغة 32 مليون دينار.
لا أموال مرصودة لترويج المملكة خارجيا حتى نهاية العام الحالي، باستثناء مخصصات بسيطة لغايات السياحة الداخلية، في الوقت الذي تؤكد فيه الدولة على أهمية النهوض بهذا القطاع لما له من دور كبير في تحقيق عائدات جيدة تستطيع أن تسهم برفد خزينة الدولة بالأموال، إضافة إلى مقدرتها على إنعاش القطاع الذي يئن منذ بدء الجائحة.
القائمون على القطاع السياحي أهملوا ميزة الترويج خارجيا للعقبة ووادي رم والبترا، وهي مناطق ثلاث تعرف بـ”المثلث الذهبي”، كانت وما تزال خالية من فيروس كورونا، حيث كان بإمكان الدولة خلال الجائحة استغلال هذا المثلث وتسويقه في العالم إلى ما بعد الأزمة الصحية، مع شرح أبرز ميزاته المتمثلة في سهولة الوصول إليه كوجهة آمنة، يتوفر فيه مطار، مع توفر مواقع تراث عالمية مصنفة من قبل اليونسكو، إضافة إلى الأنماط السياحية المتنوعة الموجودة فيه، كالاستجمام والمغامرات والغوص، فضلا عن توفر المواقع التاريخية والبيئية، والاستفادة من المواقع الطبيعية القريبة من المثلث الذهبي كضانا ووادي الموجب.
أخطأت الدولة كثيرا حين أهملت هذا الأمر، ولم تلجأ إلى التركيز عليه في الإعلام الدولي شارحة ميزاته التنافسية العديدة. وإذا ما اليوم أرادت البدء بحملة ترويجية ما، فإنها بالتأكيد ستصل متأخرة جدا، رغم علمنا بأن ذلك غير ممكن بسبب سحب المبالغ المخصصة لذلك بدلا من زيادة تلك المبالغ، واستغلال دور وزارة الخارجية من خلال سفارات المملكة في جميع الدول، وخلق صداقات وعلاقات قوية ودائمة مع الإعلام في تلك الدول لتسليط الضوء على مناطقنا السياحية الآمنة. كان يتوجب على الحكومة أن تفكر في هذا القطاع الحيوي، وأن تبث رسالة قوية إلى العالم بأسره عن الأردن وإمكانياته، من أجل أن تبقى الصورة عالقة في الأذهان، لكي يسارع السياح إلى زيارة المملكة عند فتح المطارات وعودة الحياة إلى طبيعتها. بحسب دراسة دولية صدرت مؤخرا حول أحسن 20 وجهة سياحية في أوروبا في عهد كورونا، صنفت المدن وفق أسس محددة، على رأسها قرب المستشفيات من المواقع السياحية، وعدد الأسرة في المستشفيات نسبة إلى عدد السكان، والإجراءات التي تتبعها الدول في مكافحة الفيروس، وإجراءات التقصي الوبائي، وعدد الفحوصات التي تجرى يوميا، وأعتقد جازما أن الأردن من أفضل الدول في تطبيق هذه السياسات والإجراءات.
هناك العديد من المشاهير ممن أصيبوا بفيروس كورونا، وكانوا ناشطين في العمل التوعوي خلال الجائحة، فلماذا لم يخطر في بال أي مسؤول أردني، أن يستضيفهم في جولة ليبثوا من خلالها رسائلهم من داخل المثلث الذهبي كترويج للمملكة، على سبيل المثال، كما أن هناك عشرات الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي من جنسيات مختلفة تقطعت بهم السبل في عمان مع إغلاق الحدود، ولم يتم التواصل معهم. لا شك لو تم توفير جولات لهم في ربوع المملكة لسجلوا المئات من مقاطع الفيديو، والتي كان يمكن أن تكون قيمة مضافة في عملية الترويج للمملكة.
سياحيا، سندفع ثمن غيابنا عن العالم خلال الفترة الماضية، لأننا لم نكترث كثيرا لهذا القطاع، ولأننا سحبنا كل المخصصات المالية التي كان من الممكن أن تساعدنا في بناء برنامج ترويجي حقيقي يصل إلى العالم كله، والتأكيد فيه أن الأردن هو الوجهة السياحية المثلى التي يجب أن يفكر بها أي انسان ينوي السفر، بعد أن أثبتت هذه الدولة قدرتها الكبيرة أمام العالم خلال معركتنا مع وباء كورونا.