تطالعنا بعض الأخبار بأن كلا من ألمانيا وفرنسا تزودان روسيا بأسلحة، وذلك رغم العقوبات المعلنة من قبل دول الناتو، وبين فترة وأخرى نسمع أخبارا شبيهة بالتعامل التجاري مع إيران رغم العقوبات الاقتصادية ضدها، ومن المعروف بأن إعلان عقوبات اقتصادية من قبل دولة أو دول بعيدة عن الدولة المستهدفة، لا يتم الالتزام بها من قبل جوار هذه الدولة المستهدفة بالعقوبات، نقول كل هذا ونذكر أيضا أن أمريكا نفسها التي تفرض على حلفائها مقاطعة دولة ما اقتصاديا، تعلم بل وتعمل على اتباع استثناءات على القوانين حتى وإن كانت قوانين دولية، كقوانين التجارة العالمية، وقد فعلت هذا بنفسها على خلفية الأزمة الاقتصادية التي حدثت في أواخر العقد الأول من القرن الحالي، حين قامت الحكومة الأمريكية بتقديم دعم لشركة «جنرال موتورز» لمساعدتها في تجاوز أزمتها..
تناولت أمس بعض وسائل الإعلام التساؤل في عنوان المقالة، وقال بعض ممثلي التجار: نستورد سلعا من الهند والصين واوروبا، وندفع أجورا مرتفعة جدا لشحنها إلى الأردن، مما يؤدي إلى ارتفاع سعرها على المستهلك، بينما السلع نفسها موجودة في سوريا، فلماذا لا يسمح لنا باستيرادها لتصل إلى المستهلك بسعر أفضل، وتساعد الناس في مثل هذه الظروف الإقتصادية الناجمة عن أحداث سياسية، تفتعلها او تشارك فيها دول اقتصادية، ولا تتأثر بها كما تتأثر المجتمعات والشعوب النامية الفقيرة، البعيدة جغرافيا عن الدول الصناعية الكبرى..؟؟..!!. يحق لنا في الأردن ان لا نلتزم باتفاقات الدول الكبرى وصراعاتها فهي لا تعاني ما نعانيه من ظروف اقتصادية صعبة، سببها الأزمات السياسية وصراعات صنعتها هذه الدول، فنحن تعرضنا إلى حصارات غير معلنة أثناء الأزمات السياسية والأمنية التي جرت في كل من العراق وسوريا وغيرهما، وأصبحت حدودنا مغلقة بنسبة 75% في اوقات ما، الأمر الذي أدى إلى مزيد من ارتفاع للأسعار، أو كساد صادراتنا لا سيما الزراعية منها، وفي الوقت نفسه، استقبل الأردن ملايين اللاجئين على امتداد وقت الصراعات الدولية في كل من العراق وسوريا، وكان ذلك على حساب حياة المواطن الأردني، لا سيما ما تعلق بالمياه والطاقة وفرص العمل..الخ، ومع ذلك نلتزم بتوجيهات دولية، تدعو لمقاطعة البلدان العربية الشقيقة، وكل ذلك على حساب اقتصادنا واستقرار ورفاه مواطنينا، هذه «مسطرة» يجب أن لا تشملنا، ونحن ندفع فواتير الازمات العسكرية والأمنية في دول الجوار دون أن نكون طرفا فيها، بينما الدول التي تدمر البلدان الشقيقة وتفرض عليها حصارات اقتصادية لا تتأثر لا من قريب ولا من بعيد بمثل هذه القرارات والعقوبات الاقتصادية، بل إنها غالبا ما تشعل هذه الصراعات لمصالح اقتصادية تعود بالنفع عليها، بينما يتعرض «حلفاء مثلنا» لمزيد من الصعوبات والتحديات !!. الذين يتوهجون ويتنافخون وطنية من أجل التخفيف عن المواطن الأردني، بعدم إثقال كاهله برفع أسعار السلع، والتي ترتفع بشكل مستمر نتيجة الحروب وارتفاع أجور الشحن، وقلة الانتاج حول العالم، وغيرها من الأسباب.. عليهم أن يتبنوا مثل هذا السؤال ويدفعوا كل الدنيا لاستثناء «حليفهم» الأردن من أي التزام يؤثر على قوت مواطنيه في مثل هذه الظروف. هذا مطلب منطقي وله سند في القانون الدولي لوجود حالات مشابهة كثيرة، وهو إنساني أيضا.. ودعونا من مقولات وألغاز وشعارات «القانون والمجتمع» الدوليين وقوانين وشعوذة «قيصر وكسرى» فالشعب الأردني هو الشعب الوحيد الذي يدفع جزءا كبيرا من فواتير حروب ليس طرفا فيها، وكله على حساب أمنه واستقراره وقوت مواطنيه ويزداد محصوله على مزيد من الأزمات فقط بينما مكاسب تلك الحروب تذهب لمصلحة أعدااااء معروفين..