مرة أخرى يتأكد للجميع أن رئيس الوزراء بشر الخصاونة يعني ما يقول، ويأخذ توجيهات جلالة الملك بأعلى درجات المسؤولية والالتزام. لا أحد فوق القانون، والمسؤولية ملازمة للمساءلة، عندما يتعلق الأمر بالمصلحة العامة، وتطبيق القانون على الجميع، خاصة في ظل أوامر الدفاع التي اضطرت الدولة لتفعيلها حماية لصحة المواطنين.
كان يمكن للرئيس أن يتغاضى عن “العزيمة” رغم ضبط المخالفة من قبل لجنة تفتيش، وكان بإمكانه إن أراد استقالة الوزيرين المحترمين أن يخرجها بطريقة مختلفة، خاصة وأنه على أبواب إجراء تعديل وزاري خلال أيام على حكومته، لكنه اختار تحمل كلفة الخطوة والطلب من الوزيرين تقديم استقالتيهما على خلفية ما حدث.
ليست المرة الأولى التي يتخذ فيها الرئيس الخصاونة مثل هذا القرار، فقد سبق له أن فعلها مع وزير الداخلية بعد أسابيع قليلة على تشكيل حكومته، انطلاقا من نفس المبدأ. ولمزيد من الوضوح والصراحة، أبلغ الخصاونة أعضاء حكومته، أن أي وزير أو مسؤول كبير في الحكومة، يخالف أوامر الدفاع سيقال على الفور، ودون أي تساهل.
الرسالة واضحة وصريحة، إذا كانت الحكومة، تبذل قصارى جهدها لإقناع المواطنين بالالتزام بأوامر الدفاع المتعلقة بالتجمعات والمناسبات، وتغلظ العقوبات على المخالفين، فالأولى أن يلتزم بهذه الأوامر المسؤول قبل المواطن الذي يتكبد خسائر جراء قرارات الحظر. لا يمكن أن تطلب من مواطن الامتثال للأوامر، بينما ترى المسؤولين يمارسون حياتهم الطبيعية ويشاركون في المناسبات ولا يغيبون عن عزيمة.
وإذا جاز لنا أن نضيف على أوامر الدفاع، أمرا خاصا بسلوك الوزراء، ويلتزموا فيه جميعا، بعدم تلبية دعوات الغداء والعشاء في الأماكن العامة، بغض النظر عن عدد الحضور، لحين وقف العمل بأوامر الدفاع، وعودة الحياة لطبيعتها. بصراحة مكانة الوزراء تقتضي منهم التزاما أخلاقيا بمتطلبات الموقع العام. كيف لوزير تناول طعام العشاء عند رجل أعمال مثلا أن يطبق عليه القانون في اليوم التالي إذا ما ارتكب مخالفة.
وليس مفيدا للوزيرين المحترمين أن يجادلا في قصة العشاء والدخول في تفاصيل الحاضرين وعددهم ومدى الالتزام بالتعليمات الخاصة بالمطاعم. هذا نقاش لا طائل منه، ويضعف موقف جميع الأطراف.
إقدام الوزيرين على تقديم استقالتيهما بناء على طلب رئيس الوزراء، ليس إدانة لهما بأي شكل من الأشكال، بل تعبير أصيل ومحترم عن تحملهما للمسؤولية. ينبغي أن يخرجا بهذا الموقف للرأي العام، ويقرا بتحمل المسؤولية عن مخالفة غير مقصودة قطعا من طرفهما، والاعتذار للأردنيين، وأنا على ثقة بأنهما سيضيفان بهذه الخطوة احتراما فوق ما لهما من تقدير واحترام عند جمهور عريض من الناس. دعونا نكرس هذه التقاليد في حياتنا السياسية، ففيها قيمة مضافة للسياسيين وللدولة ومؤسساتها من قبل.