لم يحظ الرئيس الأميركي بإعلان طاقة واضح أو بتعهد من قبل السعودية والخليج بزيادة الضخ والإنتاج للنفط للسوق العالمي للسيطرة على أسعار النفط المرتفعة. لكن لا يبدو أن الرئيس الأميركي وفريقه كانوا يتوقعون ذلك، بحسب تصريحاتهم، والقناعة يبدو أن الأمور ستتحسن بالتدريج وأن الإنتاج سيزيد في فترة الأشهر المقبلة. فريق بايدن يدرك آلية تسعير النفط الدولية، وأن الحسابات السياسية ذات تأثير محدود عليها، وهذا ما جرت العادة عليه منذ حصار النفط العام 1973، لذلك فالنقاش حول الإنتاج وأسعار النفط كان اقتصاديا ماليا يصب في إطار أن من مصلحة الجميع السيطرة على أسعار النفط بما فيها الدول المنتجة حتى لو لم يكن ذلك على شكل إعلانات سياسية.
هذا لا يعني أن حصيلة بايدن من جولته كانت قليلة؛ الرجل أتى لإسرائيل وخاض حملة انتخابية لحزبه للانتخابات النصفية المقبلة، وكلامه عن اعتزازه أنه صهيوني، وأنه لا يجب أن تكون يهوديا لتكون صهيونيا، هذا الكلام سيصرف انتخابيا في انتخابات نوفمبر المقبل في أميركا. بايدن أيضا كان له لمساته في إسرائيل بما سينعكس على الانتخابات المقبلة هناك، تماما كما كان له دور في إضعاف نتنياهو سابقا، وليس سرا مقت بايدن لنتنياهو مذ كان نائبا للرئيس. زيارته لإسرائيل وكلامه كانا حدثا انتخابيا أميركيا، أما في فلسطين، فالزيارة أيضا كان لها تأثير على أقصى يسار حزبه، وأصوات الأقليات العربية والمسلمة المهمة للحزب الديمقراطي.
في قمم جدة كانت حصيلة الزيارة إعادة الاعتبار للعلاقة الاستراتيجية بين أميركا والخليج، رغم أن بايدن وجد خليجا لم يخبره سابقا. ورغم أن بايدن قال بوضوح إنه لن يترك فراغا تملؤه الصين أو روسيا أو إيران، إلا أن واقع الحال أن ذلك ما يحدث فعلا، وقد أصبح الشرق الأوسط ميدان تنافس أساسيا وجزءا حاضرا من سياسة التنافس الاستراتيجي التي تنتهجها أميركا مع الصين. بايدن لم يحصل على أي تقدم سياسي نوعي لإدماج إسرائيل بالمنطقة، فذاك ملف شائك يرتبط بمصالح الدول العربية بملف إيران النووي وإذا ما قرر بايدن توقيع اتفاق معها. مجلس التعاون الخليجي + 3، لا سيما السعودية، لم يكونوا ليعطوا بايدن أكثر من استخدام للأجواء قبل أن تتضح لهم نواياه حول الاتفاق النووي مع إيران، وماذا سيحدث بحل الدولتين الذي ما يزال موقف ومصلحة الدول التي حضرت القمة مع بايدن. إنها البرغماتية السياسية بأوضح صورها.
أجواء التعاون الإقليمي الإيجابية فيما بعد القمة حاضرة وجيدة، تؤسس لشراكة وتكامل بين الجميع، والولايات المتحدة بتاريخ اشتباكها مع المنطقة، وقوتها الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية الحاضرة في الشرق الأوسط، قادرة على أن تكون جزءا أساسيا من تكاملية إقليمية إيجابية تعود بالخير على الجميع، وترسخ معادلة الأمن والاستقرار الإقليمي، وذلك من شأنه الحفاظ على أمن تدفق النفط، وحماية الممرات المائية، واحتواء إيران، ومواجهة تحديات الاستقرار التي يعلوها على الإطلاق، معدلات البطالة والفقر المرتفعة التي يعيشها سكان المنطقة.