الأربعاء، 17-05-2023
04:28 م
تقف القدس غداً أمام أزمة جديدة، قد تؤدي إلى انفجار من نوع آخر، وذلك بعد أيام من وقف المواجهة في غزة، ومن المؤكد هنا أن كل الاحتمالات واردة، في ظل ما يحيط بالمدينة من خطر.
غدا، أي يوم الخميس، تخرج مسيرة إسرائيلية ضخمة، مسيرة الأعلام، وستحاول دخول الحرم القدسي، والتحشيد الإسرائيلي في أعلى درجاته، بحماية من المؤسسة العسكرية والأمنية الإسرائيلية، ورعاية مباشرة من الحكومة الإسرائيلية، وهذه ليست أول مرة تشهد فيها مدينة القدس مثل هذه المسيرة، لكن الفروقات تكمن في 3 نقاط، أولها عدد المشاركين الكبير هذه المرة، وثانيها أنها تأتي بعد أيام من مواجهة غزة، وثالثها أنها تأتي في ظل حكومة إسرائيلية متطرفة جدا، وتتوعد الفلسطينيين بكل السبل، إلى درجة مطالبة وزراء فيها بقتل الأسرى وعدم سجنهم.
أمس الثلاثاء، اقتحم المسجد الأقصى مئات الإسرائيليين، بحماية الجيش الإسرائيلي، والاقتحام بات يوميا، وعدد المقتحمين يتزايد كل مرة، وفي فترة الاقتحام يتم اخلاء المسجد الأقصى من المصلين، والاقتحام ذاته يتكرر مرتين يومين، عدا الجمعة والسبت، وهذا أكبر دليل على التقاسم الزمني الجزئي، والكلام يقال هنا لاولئك الذين يحذرون من التقاسم الزمني، على الرغم من أنه يحدث يوميا، وهو تقاسم قابل للتمدد وزيادة فتراته خلال الفترة المقبلة، على أساس سياسة تجريع السم المتدرجة، وهي السياسة التي تتبناها إسرائيل، والتي ستأخذنا إلى سيناريوهات خطيرة.
هناك حالة قبول عربية وإسلامية لكل ما يجري، وكأن الكل يستسلم أمام المشهد، باعتبار أن إسرائيل باتت حقيقة واقعة، وأن السيادة لها في القدس، وهذه الحالة تعبر عن النظام الرسمي العربي، ولا تعكس موقف الشعوب التي أصيبت أيضا بالوهن والضعف، وتنزلت عليها الويلات والحروب والصراعات والازمات، وتلبستها أحوال الاضطهاد والفقر والفساد في بلادها.
لكن بالمقابل علينا ألا ننسى أن احتمال انفجار الوضع مجددا في القدس، يبدو واردا، بما في ذلك تجدد شعلة الانفجار في غزة، أو الضفة الغربية، وهذا أمر لن يكون غريبا هذه المرة، على الرغم من أن غزة خرجت للتو، من حرب دموية، وهذا الانفجار الممتد المحتمل، مرتبط بعدة عوامل، من بينها الأجواء داخل القدس غدا، وتصرفات الجيش والأمن الإسرائيلي، وما سيفعله الإسرائيليون خلال المسيرة التي تأتي في ذكرى ما يسمى “توحيد القدس” أي استكمال احتلالها عام 1967.
خطورة المشهد لا تعود إلى مجرد مسيرة أعلام، بل إلى كون هذه التصرفات تأتي على أساس سياسة إسرائيلية لفرض سيادتها السياسية والعسكرية والأمنية على القدس، وصولا إلى فرض سيادتها الدينية، بما يهدد الحرم القدسي، كليا، وقد تعب كثيرون من التحذير من سيناريو التقاسم المكاني، المتوقع ان يأتي في توقيت معين، إذا بقي الخط الإسرائيلي تصاعديا بهذه الطريقة، ولم يتم ردعه كل فترة من جانب الفلسطينيين، في مدينة القدس ذاتها، أو غزة والضفة الغربية.
الخلاصة هنا تقول إن مدينة القدس لن تهدأ أبدا، والذين يراهنون على التهدئة يشترون الوقت فقط، لأن المدينة لا تحتمل مشروعين أصلا، مشروع أهلها التاريخيين، ومشروع الاحتلال، وبينهما لا يمكن الا الصدام، ويستحيل الاندماج، بكل درجاته، بما في ذلك الإذابة وشطب هوية المدينة.