الأحد 2024-11-24 05:40 ص

ماذا يعني فوز ترامب؟

01:13 م
لن يوقف قطار التطبيع العربي مع إسرائيل سوى خسارة دونالد ترامب الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأميركية. المنافس الديمقراطي جو بايدن الذي يحقق تقدما في استطلاعات الرأي، يتبنى مقاربة مختلفة عن ترامب، فهو على الأقل يتمسك بحل الدولتين، ويرفض صفقة القرن التي دفع بها ترامب العام الماضي.

فوز ترامب يعني التحاق ما لا يقل عن خمس دول في المنطقة بركب التطبيع والاعتراف بإسرائيل. هذا ما يقوله الرئيس الأميركي، ويبدو أنه في هذا الموضوع تحديدا صادق ومستعد لتحقيق وعوده.
كان يكفيه اختراق واحد كي تفرط المسبحة المهترئة، وهذا ما حصل قبل أشهر قليلة. السودان آخر المنظمين لقطار التطبيع. إدارة ترامب وضعت القيادة السودانية أمام خيارين لا ثالث لهما. التطبيع مع إسرائيل شرط أساسي لرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وما يترتب على هذا القرار من مكاسب اقتصادية هي بأمس الحاجة إليها.
حاولت السودان المراوغة، الاكتفاء بدفع التعويضات لضحايا الهجمات الإرهابية لتفادي خطوة مؤلمة، لكن ذلك لم ينفع، فرضخت للأمر ومضت في طريق التطبيع عبر بوابة الاقتصاد والأمن.

النظام العربي الرسمي انهار تماما ولم يعد يقوى على مقاومة مصالح الدول والحكومات منفردة، والجامعة العربية في وضع يرثى له، بلا حول ولا قوة، تصارع للبقاء في الظل، دون أدنى تأثير يذكر على مسرح الأحداث.
مبادرة السلام العربية فقدت قيمتها تقريبا، في ضوء الانفلات العربي للتطبيع مع إسرائيل. لا أحد يذكرها بالخير سوى الأردن والسلطة الوطنية الفلسطينية. والأخيرة أخفقت في الاستجابة للتحديات، فبعد خطوات مشجعة على طريق المصالحة الوطنية، عاد الانقسام ليفرض نفسه واقعا دائما ومميتا على الساحة الفلسطينية.
ثمة مبادرات تطبخ اليوم خارج رحم السلطة والفصائل لتقديم بديل وطني لحالة الاستعصاء الحالية، لكن الشكوك تحيط بفرصها في النجاح والثبات.

فوز ترامب بولاية ثانية، يعني أن قطار التطبيع سيمضي بسرعة البرق. ستنهار بشكل كامل دعامات الصمود والحذر التي تبديها دول غير راغبة بالتطبيع، لكنها تخشى في ذات الوقت انتقام الإدارة المتشددة في البيت الأبيض.
وفي غياب تيار عربي من دول وازنة تساند الأردن والسلطة في موقفهما، لا تتوفر قاعدة عربية صلبة للممانعة والردع. ربما تبرز الحاجة في المرحلة المقبلة لبناء تكتل عربي جديد يعيد تشكيل الموقف العربي حول ثوابت الحل العادل للقضية الفسطينية، ويتولى إدارة المواجهة الدبلوماسية في مختلف الساحات. دول مثل مصر والسعودية وسورية إلى جانب الأردن تشكل الركن الأساسي لمثل هذا التكتل.
مع إدارة ديمقراطية برئاسة بايدن، ستبدو المسألة أقل حدة وخطرا. يمكن لقطار التطبيع أن يتوقف عند حدود السودان، ولن يجد من يدفعه إلى الأمام غير نتنياهو وحده، وهذا ليس كافيا لتحقيق اختراقات كبرى.

وفي الحالتين يتعين على القوى الفلسطينية أن تغادر مربع الانقسام، قبل أن تفقد سيطرتها وحضورها في الشارع الفلسطيني. لم يعد بالإمكان الاستمرار في هذا الوضع. الانقسام حطم الوجود السياسي للشعب الفلسطيني، وخلق وضعا فريدا لإسرائيل.
بخلاف ذلك فإن القضية الفلسطينية ستفقد زخمها تماما وتتحول إلى مجرد ملف ثانوي على أجندة الدبلوماسية العالمية، وتصبح رابطة الدول الجديدة في المنطقة بزعامة إسرائيل. باختصار سلام دول حل الدولتين، واحتلال دائم ومستمر يفرض واقعا جديدا على الأرض، ويهدد بتهجير فلسطيني ناعم لا يبقي فرصة لقيام دولة مستقلة في المستقبل.
gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة