الأربعاء، 09-02-2022
04:31 م
يحكى أن رجلا مغتاظا ذهب إلى الخياط يحمل قطعة قماشية، ودخل الى المخيطة دون سلام وخاطبه بانفعال قائلا:
- بعرف شو بدك تقول ...أول شيء رح تقول إنه القطعة ما رح تكفي لتفصيل بذلة ع قياسي، مشان تسرق منها، وبعدين بتقول إنك رح اتدبرها، ورح ترفع الأجرة علي، لكن لازم أرجع بعد اسبوعين لأنك مشغول. أقولك ؟؟؟؟ يلعن أبوك على أبو اللي بده يشتغل عندك.
ثم يضرب الباب ويخرج بغضب، ويعود إلى زوجته فيقول لها:
- بعرف إني لو أقولك إني تهاوشت أنا والخياط اليوم ونويت ما أكسر راسه لأنه حاول يسرقني ويأخرني ..لو اقوللك هالحكي ما رح اتصدقيني ..أقولّك؟؟؟ يلعن أبوكي على أبو اللي بدو يحكيلك اشي.
هذا الرجل المغتاظ، يفكر بغيض ويتصرف بغيظ. قد يقول قائل أن لدينا الحق في أن نغتاظ نظرا لما يحصل ضدنا، ونظرا لهزائمنا المتلاحقة وتآمر الأمريكان وحلفاؤهم علينا .... وهذا صحيح تماما .... لكن الغيظ لا يحل المشكلة، بل يزيدها تعقيدا.
إذا وقعت في مشكلة وشرعت في التعبير عن ذلك بالتكسير والسب والشتم، فإنك بلا شك تزيد من توريط نفسك وتغرق في مشكلتك التي لا يمكن حلها إلا بأن تفكر فيها بعقلانية وتحللها إلى عواملها الأولية، لتبحث عن طرق للخروج منها.
للأسف فإن الغيظ والكراهية توحد الشعوب أكثر مما يوحدها ويجمعها الحب، وهذا ما حصل مع الفاشية والنازية، لكن انظروا إلى النتيجة!!
ما أسهل الغيظ والكراهية:
هناك من يفكر عنك، ويقول لك اقتل فلان، واقطع رأس علان، وفجر نفسك بهؤلاء. هكذا بكل سهولة، وأنت تصدق ذلك، لأنه ينفس غيظك ويوصلك إلى نهاية سعيدة مفترضة.
لكن الغيظ على المستوى البعيد، حتى لو حقق احلامك، في الإنتقام من المعتدي، أو من الآخر (أي آخر)، فإنه يفقدك انسانيتك ويجبرك على التخلي عن القيم الإنسانية التي كنت تدافع عنها.