الأحد، 04-08-2019
04:13 م
حتى الیوم لا أفھم العلاقة القائمة بین الحكومة وشركة الكھرباء وأجد صعوبة بالغة في الربط بین المصفاة والكھرباء والحكومة فالعلاقة تبدو عضویة ومتشابكة وتستعصي علي الفھم. الشركة التي أنارت الأردن منذ عقود اصبحت أما لشركات عدیدة فھناك التولید والتوزیع والوسط والشمال والجنوب وغیرھا من المسمیات التي توالدت حول فكرة بسیطة تقوم على تولید كھرباء وایصالھا للمشترك.
في السنوات الثمان الماضیة كان غالبیة عمل وبرامج الحكومات منصبا على ضبط مالیة الدولة وحمایة شركة الكھرباء ومصفاة البترول ودعم وجودھما والتعامل مع خسائرھما. بعض من دخلوا عالم الادارة الحكومیة ابتدعوا وصفات مختلفة لتحقیق الھدف فقد جاء احدھم بفكرة الضمیمة (اي مبلع مقطوع یجري ضمھ الى المطالبات التي تقدم للمستھلك) واقترح آخرون التسعیرة الشھریة للمحروقات ولاحقا استقر الامر على تثبیت قیمة الضریبة والرسوم على كل نوع من المحروقات وإضافة بند آخر على فاتورة المستھلك تحت مسمى فرق أسعار المحروقات.
في العصر الذھبي للخصخصة جرى بیع بعض من ممتلكات الشركة الوطنیة الى شركة ”دبي كابیتال“ بمبالغ قیل انھا تقل كثیرا عن القیمة الفعلیة وفي كل یوم تحمل الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي اخبارا عن اكتشاف حالات لاستجرار الكھرباء او سرقتھا من الشبكات والخطوط دون ان نعرف الكثیر عن مصیر من یعتدون على ھذه الشبكات ولا كیف جرى معالجة ھذه الظاھرة ومن یتحمل الكلفة الاضافیة للسرقات.
أحیانا یجري الحدیث عن تعیین موظفین لا خبرة لھم بالكھرباء ولا بأسالیب إدارة ھذه الشركات وتطویرھا برواتب فلكیة وكل ما یعرف عن ھؤلاء المدراء انھم یدورون في فلك الخصخصة والمشروعات التي تنشأ وتختفي بسرعة البرق.
الارتفاعات التي طرأت على أسعار الكھرباء تحملھا المواطن ومع ذلك بقیت الحكومات تعزو ارتفاع معدلات المدیونیة لانقطاع الغاز المصري وارتفاع اسعار النفط. الیوم یدفع المستھلك الأردني اكثر من ضعف القیمة للتر البنزین والكاز والدیزل یذھب جل ھذه المبالغ للحكومة على ھیئة ضرائب ورسوم في حین یتحمل المواطن آثار كل الھزات التي تحدث للأسعار دون ان یتغیر نصیب الموازنة من ذلك.
في السنوات الاخیرة ومع تطور تكنولوجیا الطاقة البدیلة أبدى المئات من المستثمرین رغبتھم في بناء مشروعات لتولید الطاقة من الریاح واقامة حقول لخلایا الطاقة الشمسیة. في الطفیلة والكرك ومعان والمفرق والزرقاء حیث تسطع الشمس لما یزید على 320 یوما في السنة یسعى الكثیر من الاھالي والشركات لإقامة مشروعات عملاقة لحصاد الطاقة المتجددة ومع ذلك لا یوجد تشجیع من الدولة فغالبا ما تصدم الطلبات بتعقیدات غیر مفھومة.
الجھات المسؤولة عن ملف الطاقة تقدم حججا غیر مقنعة ولا مفھومة فتارة تتحدث عن السعة التخزینیة واخرى عن عدم قدرة الشبكة وفي مرات عدیدة یمضي من یرغب في الاستثمار أشھرا وربما اعواما في انتظار الموافقات والتي تشتمل على شروط تعجیزیة الا لمن رحم ربي او من كان مرتبطا بالجھات المیسرة.
في الأردن الذي یعاني من شح الطاقة لا یبدو مفھوما او مقنعا أن تشتري الشركة الكھرباء المولدة من المصادر المتجددة بـ12 فلسا للكیلو في حین انھا تبیعھا للمستھلك بـ1100فلس.
السیاسات التي تتبناھا ادارة القطاع تطفیشیة ولا تفسیر لذلك غیر الرغبة في حمایة الشركة التي تعمل بأسالیب عفا علیھا الزمن وتمنح رواتب خیالیة للمدراء.
على الحكومة ان تتخذ خطوات جریئة وسریعة لتطویر ھذا القطاع واستثمار مواردنا الطبیعیة المتجددة للطاقة عوضا عن الاعتماد المبالغ فیھ على الطاقة المستوردة. بدون ذلك یبقى المواطن یتساءل عن مدى جدیة شعارات النھضة والاعتماد على الذات.