قبل سنوات قررت دائرة الجمارك بسابق إنذار وبدون ترصد إعفاء قصار القامة من الضرائب والرسوم الجمركية المترتبة على السيارات الخاصة التي يستخدمونها، لكن الجمارك اشترطت للحصول على هذا الإعفاء أن يكون الشخص سليم الأطراف العليا، بما لا يشكل خطرا على الصحة العامة. كما اشترطت أن لا يقل الطول عن 131 سم للذكور و121 للإناث.
في الواقع فصلتني 38 سم ملعونة من الحصول على هذا الإعفاء، لكني اعتقد أن الكثير من المسؤولين العرب يستحقون هذا الإعفاء عن جدارة.
لا اعرف اذا ما كانت دائرة الجمارك تنوي ايضا منح مثل هذا الحسم لطوال القامة، لكن لن تطالني هذا الحسومات أيضا، لأنه تفصلني 38 سم أخرى عن طوال القامة. لكني هنا مهتم بالدرس الذي ما ازال أتذكره من رائعة (سويفت) التي تحدث فيها عن بلاد الأقزام وبلاد العمالقة... (رحلات جاليفر)، وهو بالمناسبة كاتب ساخر، أذكر بعض التفاصيل من هذه الرواية التي قرأتها قبل 30 عاما، لكني حفرت في دماغي منذ لك الوقت عبارة وردت فيها تقول:
- الأقزام في بلاد العمالقة ..عمالقة في بلاد الأقزام!!
(2)
قبل أقل من مئة عام، كان البدوي الأردني ينشد قائلا:
الحمد لله تمدنّـــــــــــــــــــا
وكل واحد منا شرى طاسة
واذا عرفنا بأن (طنجرة) أو قدرا واحدا كان يكفي مجموعة من العائلات، فقد رأى جدّي الأعرابي، أن شراء كل خربوش(خيمة متواضعة) لطنجرة تخصه هو قمة التقدم والتحضر آنذاك.
نشأت الإمارة الأردنية، ثم تحولت الى مملكة ، ومنذ ذلك الوقت، ودائرة الضروريات تتسع عند الإنسان الأردني، من الطاسة حتى بيت الطين، وانتقل من (العيش) والبرغل الى الرز العادي والأمريكي ثم رز بسمتي وضحكتي ودمعتي ثم بيت الحجر، ثم دخلت موضة الطاولات والكراسي، وخبز الكماج، والراديو والتلفزيون الأرضي، ثم الدش والهش والنش......... وهكذا.
حاليا، لم يعد النت من الكماليات بل من الضروريات، وكذلك السيارة في بلد تفتقد الى المواصلات الوطنية المنظمة، وقبل دزينة من السنوات كان الهاتف النقال من الكماليات، أما الان فقد تحول الى قائمة الضروريات المفرطة..... بعد عقد أو عقدين ربما ستصبح ملكية طائرة الهليكوبتر من الضروريات لكل أسرة. وتلولحي يا دالية