فرضت جائحة فيروس كورونا المستجد تأقلما اختياريا والاغلب قسريا في حياتنا على مستويات الاسرة والمجتمع الى القطاعات وصولا الى الاقتصاد الكلي، ومن الإيجابيات انخفاض العجز التجاري برغم فتح الموانئ لمزيد من المستوردات لحماية المخزون الغذائي ومدخلات الإنتاج بشكل عام، الا ان نمو الصادرات بنسبة جيدة وانخفاض الاسعار العالمية للنفط والمنتجات البترولية وهي تاريخيا من اكبر فواتير المستوردات خفضت عجز الميزان التجاري.
الظروف الاستثنائية من كوارث واوبئة ترشد الأنماط الاستهلاكية وتعيد الغالبية الى الرشد، وهذا سجل في السلوك الاستهلاكي خلال اشهر الحجر وكان شهر رمضان الفضيل ساهم في عودة السواد الاعظم من الاردنيين الى التقشف خلافا للشهر الفضيل للسنوات الفائتة، وكانت ردود فعل العامة ان سلوكنا الاستهلاكي راعى عدم الهدر والالتزام بالمعايير التي كنا نفتقر اليها سابقا.
وبعد إعادة تشغيل القطاعات الاقتصادية تدريجيا مع الالتزام بمعايير التباعد والمحافظة على الصحة العامة يجب بالضرورة تعظيم ممتلكاتنا وتنمية قدراتنا والتوجه قولا وفعلا للاعتماد على الذات بمنح صناعاتنا الوطنية التشجيع الكافي بالاعتماد عليها محليا والتوجه لتجويد منتجاتنا الاردنية في كافة قطاعات الإنتاج، والبدء بتوفير قدرات حقيقية لمنتجاتنا لارتياد اسواق التصدير التقليدية والجديدة، فالمرحلة موآتية وعلينا جميعا حكومات ومنتجين ومواطنين للفوز بقصب السبق في ظل تداعيات الفيروس الذي لا زال يضرب في مناطق مختلفة في العالم.
من المفيد بمكان انتباه هيئة الاستثمار والقيام بترويج حقيقي لفرص الاستثمار خصوصا للسلع الموجهة للتصدير، وفي السياق فإن تشجيع المغتربين الاردنيين لتوظيف مدخراتهم في الاقتصاد وتقديم حوافز ترضيهم وتشجعهم لاستثماراتهم وتوطينها لاسيما وان اعدادا كبيرة منهم اكتسبوا خبرات جيدة قادرة على المساهمة في تسريع وتائر النمو المستهدف الذي يعود بالنفع على الجميع من اعمال جديدة وتوفير فرص عمل نحن بأمس الحاجة اليها.
الاردن زاخر بالموارد والمواد الاولية فهي قادرة على زيادة القيمة المضافة للاعمال في مناطق مختلفة.. الصخر الزيتي والنحاس والرمل الزجاجي والجرانيت والحجر المطلوب والاسمنت وحديد التسليح الى جانب الزراعة التي تحتاج الى انتقال الى مرحلة الزراعة النوعية من منتجات مطلوبة، وتقنيات وتقاوي ونظم ري حديثة، والابتعاد عن الزراعات المكثفة للمياه، يضاف الى ذلك الزراعات اللاموسمية التي تنفرد بها الاراضي الغورية.
من المؤكد ان نجاح المشاريع والاستثمارات ممكن إذا تم تطوير الإدارة من جهة وتعاون نظم التمويل بتكاليف متدنية في المرحلة الاولى من جهة اخرى، ولاحقا يمكن تغيرها تدريجيا وفق النموذج الاقتصادي والاستثماري وتطوره..والاهم من ذلك إطلاق إمكانيات سوق رأس المال بحيث نعدد قنوات التمويل..نعم لدينا فرص حقيقية والسؤال هل نغتنمها؟.