اليوم تبدأ «اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية» عملها عبر 6 لحان متخصصة من بينها لجنة قانون الانتخاب التي يعوّل عليها اجتراح قانون انتخاب يوصلنا الى الهدف المعلن والمقرر وهو برلمان حزبي وفي البداية أن يتشكل على الأقل من كتل سياسية - برامجية تمثل التيارات الرئيسية في المجتمع. ليس هناك أكثر وضوحا وحسما من هذا الهدف لكي لا تضلّ اللجنة طريقها !
دخلت خلال الأيام الماضية في سجالات كثيرة بعضها عاب عليّ المشاركة في هذه اللجنة أو تحداني ان استقيل منها؟! أنسحب من اللجنة ؟! وهل كنت اتخيل إطلاق لجنة مكلفة بإصلاح النظام الانتخابي ولا أكون جزءا منها ؟! هذه معركتي وأنا مناضل عنيد من أجل الاصلاح لا أعرف الكلل ولا اليأس. وليس قضيتي ان أحكم على النوايا أو أضرب بالرمل . هذه جولة انفتحت ومعركة نخوض غمارها. ليس هذا منصبا وليس فيه رواتب ولا مكافآت بل تكليف بمهمّة جليلة يعرف اصحاب القرار موقفي وموقعي فيها وعلى وجه الخصوص الالتزام الدائم والعميق بقضية التطوير البرلماني وقانون الانتخاب وهو يعتبر بإقرار الجميع حجر الزاوية في الاصلاح السياسي.
شكك كثيرون في اللجنة بوصفها وسيلة تلهية ومشاغلة أو ان مخرجاتها جاهزة ومقررة سلفا. فأقول بملىء الفم أن هذا ليس صحيحا ابدا. والجاهز فعلا والمقرر سلفا هو الهدف المنشود المعلن اصلا في كتاب التكليف، وقد أعاد جلالة الملك توضحيه وتحديده بحسم، ولسان حاله يقول أن البقاء على النمط القديم لم يعد ممكنا ولا محتملا. وإن لم ير البعض في هذا الهدف الاصلاح المنشود فهو بلا شكّ التحديث الذي ينقلنا من صيغة متخلفة بالية للتمثيل النيابي والعمل البرلماني تبقينا كتكوين سياسي في حالة بدائية متأخرة حتى عن برلمانات وانتخابات معظم دول العالم الثالث. انتخابات ومجالس نواب بلا احزاب ولا تشكيلات سياسية ولا عمل جماعي وشراكات سياسية وبرامجية!
هناك منطق قوي جدا في إفتراض ان جلالة الملك لم يعد يحتمل هذا الوضع. وقد توالت الأحداث الخطيرة التي تؤشر كم اصبح الوضع سيئا ومعيقا للتطور وأيضا – لما لا ؟!- محرجا ومعيبا امام الحلفاء والأصدقاء، وأنا شخصيا لطالما شعرت إثناء نيابتي بالخجل من انكشافنا على هذا النحو إثناء استقبالنا لشخصيات برلمانية وسياسية أو حين نذهب الى لقاءات دولية. في بلده.لنضع قضية الملكية الدستورية ومقتضياتها جانبا، أليس موضوع اجماع وطني الآن انتشال البلد من جورة التخلف وتحقيق شيء من الحداثة السياسية. وبهذا الصدد فإن وضوح ودقة الهدف ( تحديث المنظومة السياسية) يعطي لمهمة اللجنة مصداقية كاملة، إنما الخوف من بعض أوساط المجتمع قد يكون لها صدى في أوساط اللجنة تقاوم التغيير. ومن خبرتي في مناقشة قانون الانتخاب فثمّة دائما أولئك اللذين لايستطيعون التفكير ابدا خارج نطاق مصالحهم ولذلك فإن نضالا مريرا أمامنا من اجل انتصار للتفكير الموضوعي الذي يضع الرؤية الأشمل اللصيقة بهدف الإصلاح..
اتفهم شكوك الناس وقلة ثقتهم لكن بدل الجدل العقيم حول النوايا من الأفضل استثمار الوقت والفرصة لبتسليط الضغوط على اللجنة وتحميلها المسؤولية لتحقيق الهدف المعلن والمحدد في كتاب تكليفها. قوى الشدّ العكسي المناهضة للإصلاح تريد استمرار التشكيك والطعن حتى تصل الى خط النهاية واللجنة في اضعف حالاتها والتجاهل والاهمال مصير مخرجاتها. من جهتي اثق ان ذلك لن ينجح والمرحلة لا تحمتل النكوص مجددا. وأرى في أوساط اللجنة روحا وثّابة وإحساس طاغ بالمسؤولية لإنجاز العمل لا يحتمل الفشل.