فرح عارم بعد انتخابات الكنيست؛ النتائج شبه النهائية تشير لتعادل الليكود وحزب أزرق-أبيض بـ32 مقعدا لكل منهما، تقدم واضح لعدو نتنياهو الاكبر بالانتخابات -القائمة العربية الموحدة- بعد خوض الاحزاب العربية الانتخابات بقائمة واحدة بدل اثنتين كما نيسان الماضي محققين 12 مقعداً، فيما ليبرمان اسرائيل بيتنا يحصد نجاحا بـ9 مقاعد.
مبكر الحكم أن أيام نتنياهو السياسية انتهت، لكن الثابت أنه تلقى ضربة سياسية ستعجّل من نهايته، وأنه لن يتمكن من تشكيل حكومة إلا إذا كانت حكومة ائتلافية ما سيكبله سياسيا، وان منافسه الاكبر رئيس حزب ازرق-ابيض يمتلك نفس الفرص او أكبر لتشكيل حكومة.
القائمة العربية الموحدة كانت مفاجأة الانتخابات وخيارها محسوم بدعم حزب ازرق-ابيض، ما يجعل موقف ليبرمان حاسما لتشكيل الحكومة القادمة. نتنياهو إما انتهى سياسيا، او اضمحل بشكل كبير وعلى وشك الانتهاء. انتخابات تاريخية ومحتدمة لأسباب ارتبطت بتوغل نتنياهو على القضاء لتوقعه بإدانته بالفساد خلال اسبوعين، واخرى ارتبطت بخطاب كراهية ضد المواطنين العرب لدرجة دفعت بـ “فيسبوك” إيقاف صفحته، وأسباب خارجية جعلت علاقات إسرائيل بالمحيط مليئة بالخديعة وانعدام الثقة عكس ما يروج نتنياهو.
هذه الانتخابات شهدت واقعة تحدث لأول مرة في تاريخ الانتخابات الاسرائيلية وهي التصريحات المهمة والمدروسة من جلالة الملك بزمان ومكان جعلا منها ذا وقع مختلف. الملك، من ألمانيا بجوار ميركل وبحضور كثيف للصحافة، وفي منتصف يوم الانتخابات الاسرائيلية وذروة احتدامه، يقول إن وعد نتنياهو الانتخابي بضم الغور والمستوطنات “سيؤثر بشكل مباشر على العلاقات مع الأردن ومع مصر”. تصريحات مهمة وغير مسبوقة بهذا التوقيت الانتخابي الحساس، تناقلتها كبرى وسائل الاعلام العالمي، ووجدت طريقها بسرعة للاعلام الاسرائيلي الذي يدرك أهمية العلاقات مع الاردن ومصر وأن نتنياهو قد يطيح بهذه العلاقات الاستراتيجية مع أهم الدول لإسرائيل.
تموضع سياسي ملفت ذاك الذي تأتى عن قرار إطلاق الموقف السيادي الأردني بزمانه ومكانه، وأتى بعد مواقف عربية جيدة نسبياً لكنها كانت بلغة روتينية رتيبة غير مؤثرة. فحوى الموقف الأردني ولغته ومكانه وتوقيته، وانطلاقه من رمز السيادة الأردنية جلالة الملك، القائد العربي والاسلامي المؤثر الذي يحظى باحترام العالم والمشهود باعتداله ومصداقيته، جعل من هذا الموقف محطة سياسية استوقفت الاعلام ودول العالم وحتماً تم التقاطه من النخب والناخبين الاسرائيليين في يوم انتخابهم الأهم.
هذا التموضع يستحق البناء عليه، أردنيا وعربيا، والتقاط اللحظة السياسية التاريخية، التي تتشابه مع منعطف العام 2000 حيث شهد تأبين معسكر السلام الإسرائيلي، واندحار اليسار والوسط، وانتعاش سياسي يميني لنتنياهو وشارون استمر لهذه الانتخابات الاخيرة. ثمة ضرورة لإدامة الاشتباك مع المشهد السياسي الاسرائيلي، وعلى كافة المستويات وأرفعها، خاصة اذا ما شكل يسار الوسط الحكومة. الاشتباك والتفاعل قد يتضمن زيارات متبادلة ومعلنة، ليتم إرسال رسالة واضحة للناخب الاسرئيلي أن الدول قد تنفتح وتمد يدها لحكومة إسرائيلية تحترم السلام ولا تتطاول على مصالح الآخرين كما نتنياهو.