الأربعاء، 22-04-2020
04:25 م
يفرض التصدي لوباء كورونا، أن تتحلى الحكومة بدينامية كبيرة، وأن تتخذ قراراتها اليومية صفة الاستعجال، وأحيانا من دون أن يكون لديها معرفة مسبقة بالمخرج النهائي الذي يمكن أن يكون، ولا بقياس النتائج والأثر اللذين من الممكن أن تؤدي إليهما تلك القرارات.
هذا مفهوم تماما، فنحن نمر بأزمة غير مسبوقة اقتضت إغلاق القطاعات وتعطيل الحياة بما تشتمل عليه من نشاطات اجتماعية واقتصادية وثقافية وسياسية، إذ إننا نواجه عدوا لا نعرف أين نتوقعه. ومن المهم أيضا القول إن أداء الدولة الأردنية بجميع أركانها، جنبنا حتى اليوم في ما تختبره دول عديدة لم تستطع التخطيط السليم لمواجهة الوباء ومحاصرته، فانزلقت في منعطفات خطيرة، وانهارت قطاعاتها الصحية التي لم تعد تستطيع تقديم الخدمة لمئات الآلاف من المرضى.
كل هذا نعرفه ونحن نستعرض الأداء الحكومي خلال أزمة كورونا، والقرارات الصعبة التي اضطرت إلى اتخاذها، مجبرة وليس مختارة، والتي نعرف اليوم أن معظمها جاء ليصب في مصلحة الوطن والمواطن، والتخفيف من آثار الوباء على الجميع، وتسريع عودة الحياة إلى طبيعتها.
هذه أمور بتنا نعرفها جميعنا، وبتنا نعلم أن الحكومة التي كانت في أدنى مستويات شعبيتها أصبحت اليوم ذات شعبية ومصداقية كبيرتين لدى المواطن نتيجة قراراتها التي اتخذتها خلال الأزمة.
لكن هذا الأمر لا يمنع من التأشير على قرارات حكومية لا يمكن أن تصب في مصلحة المواطن، ومنها على سبيل المثال قرار فتح بعض القطاعات لتمارس أعمالها، والاشتراطات التعجيزية التي لا تخدم انسيابية الأعمال، ولا تتوخى العدالة في الطرح.
بعض القطاعات المصرح لها بدأت بالفعل أعمالها أمس، وبنسبة 30 % من العمال للمؤسسات التي تحوي 10 عمال فأكثر، والمنشآت التي فيها أقل من عشرة عمال سمح لها بتشغيل ثلاثة فقط.
المشكلة أن تلك القطاعات يتوجب أن تكون مسجلة بالضمان الاجتماعي، وأن يتم التعامل بالدفع الإلكتروني، كما هو التسجيل إلكترونيا أيضا، وهو ما يحرم، ابتداء، العديد من الأعمال الصغيرة، والتجارات الفردية والعائلية من فرصة تسويق منتجاتها خلال موسمين مهمين، هما موسم رمضان وموسم العيد.
قطاع مهم، هو قطاع الملابس والأحذية، يمكن أن يتضرر بشكل خطير بهذا القرار، فغالبية المحال هي استثمارات شخصية، وغالبا لا يكون مشغلوها منضوين تحت مظلة الضمان، وبذلك سوف يحرم هؤلاء من أحد أهم المواسم لديهم، وسوف تزيد معاناتهم، ويواجهون مصاعب مالية خطيرة قد تؤدي بهم إلى خسارة تجارتهم.
مثل هذا القطاع، وما يشبهه كالحلويات، يتوجب أن يتم فتحه للبيع المباشر، وألا يتم تطبيق الاشتراطات السابقة عليه، وأن تتحلى القرارات الحكومية بالمرونة المطلوبة من أجل التسهيل على القطاعات المختلفة لممارسة أعمالها، والتعويض عن فترة الإغلاق الطويلة التي أضرت كثيرا بالأعمال جميعها.
نحن نثق كثيرا بالقرارات الحكومية لمواجهة الوباء، ولكننا، أيضا، نعلم أنها ليست قرارات مقدسة، وأنها يتوجب أن تخضع للتقييم، إما على ضوء التغذية الراجعة بعد التطبيق، أو على ضوء ملاحظات المتضررين. هذا أمر مهم إن كنا نطلب الصالح العام، ونعمل من أجل الوطن والمواطن. لا ضير إن بحثنا عن حلول بديلة أكثر عدلا.