الانتخابات الإسرائيلية المقررة غدا، مفصلية هذه المرة، لجهة المسار السياسي المتعلق بصفقة القرن الأميركية. مصير الصفقة “طرحها من عدمه في القريب العاجل” يتوقف على نتيجة الانتخابات.
فوز تحالف نتنياهو بأغلبية تضمن تشكيل حكومة جديدة، سيدفع بإدارة ترامب وعراب الصفقة جاريد كوشنر لطرحها مباشرة بعد الانتخابات وقبل أن تتشكل الحكومة وفق ترجيحات دبلوماسية. بخلاف ذلك سيضطر البيت الأبيض لمراجعة خططه وجدول اعماله في الشرق الأوسط.
نتائج استطلاعات الرأي في إسرائيل تشير إلى تساوي عدد المقاعد التي ستحصل عليها قائمتا “الليكود” بزعامة نتنياهو، وتحالف أزرق أبيض. في العموم الكنيست سيتشكل من أغلبية يمينية، لكنها أغلبية ليست في جيب نتنياهو.
وبحسب استطلاعات الرأي يبدو أن نتنياهو المهدد بالسجن بعد أسابيع قليلة، لن يكون قادرا على تشكيل حكومة مع فريقه من اليمين المتطرف وغلاة المستوطنين.
دول عربية تمني النفس بخسارة نتنياهو، وأكثر من ذلك خروجه من اللعبة السياسية وتحويله للقضاء. والسبب أنه يمثل في هذه اللحظة عنوان التحالف مع أسوأ فريق سياسي في تاريخ الإدارات الأميركية، استنادا لهذا التحالف يستعد اليمين المتطرف بقيادته إلى اتخاذ خطوات كارثية كالتي اتخذها من قبل، أهمها إعلانه الأخير بنيته ضم مناطق غور الأردن وشمال البحر الميت المحتلة.
منظمة التحرير الفلسطينية لديها معلومات عن قرارات أخطر من ذلك تتمثل بتوجه إسرائيل وحكومة نتنياهو إلى ضم ما نسبته 75 بالمائة من أراضي الضفة الغربية المحتلة لكيان الاحتلال، بما فيها المستوطنات في الضفة الغربية التي تضم نحو 650 ألف مستوطن.
واجهت الدول العربية المعنية إعلان نتنياهو الأخير بردود فعل منددة. الأردن قاد حملة دبلوماسية لحشد موقف دولي ضد سياسة نتنياهو بشأن ضم غور الأردن، ونال هذا التحرك دعما من الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين. دول عربية كانت إدارة ترامب تراهن على دعمها المبطن لصفقة القرن، لم تحتمل سلوك نتنياهو العدواني وخرجت لتندد بالإعلان الإسرائيلي.
ما يبدو أنه إجماع عربي وضع الأردن أسس خطابه السياسي والدبلوماسي، سيجعل من الصعب على إدارة ترامب طلب دعم دول عربية لخطتها للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين ما لم تتضمن اعترافا وإقرارا بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في السيادة والاستقلال.
صفقة القرن الموعودة لا تلحظ أبدا هذه الحقوق، وتريد تحميل الدول العربية عبء الاحتلال الإسرائيلي، لا بل والإنفاق على سلام مزعوم بدون تلبية الحقوق المشروعة، وامتصاص المشكلات الناجمة عنه، خاصة ملف اللاجئين.
فشل نتنياهو وفريقه يمنح العرب فرصة التقاط الأنفاس، وإعادة تنظيم الصفوف لشن هجوم سياسي بأدوات اكثر فاعلية لإعادة توجيه بوصلة الصراع والضغط على الولايات المتحدة والمجتمع الدولي للوقوف في وجه الهجمة الصهيونية، واستعادة حقائق القضية والحل العادل كما نصت عليها الشرعية الدولية.
أما فوز نتنياهو بأغلبية مريحة وتشكيل حكومة جديدة، فيعني أننا أمام جولة تاريخية من الصراع ربما يترتب عليها مواجهات من الوزن الثقيل بين الولايات المتحدة وحلفائها العرب.