كلما وقع زلزال، أو حرب، أو حريق، أو فيضان، أو اي كارثة في اي بلد، تستخدم وزارة الخارجية، ومنذ عقود، وليس هذه الايام فقط، تعبيراً يقول “الأردنيون بخير” أي أن الأردنيين في ذلك البلد، بخير، ولم يمسسهم أذى. بين يدي تصريحات وزارة الخارجية حول الفوضى في السودان، حيث تقول الخارجية، إنه تتم متابعة أوضاع المواطنين الأردنيين في السودان وتأمين احتياجاتهم وهم جميعا بخير، ولم ترد أي شكاوى حتى الآن بتعرض أي مواطن لأي مشكلة، وعلى الرغم من انقطاع الانترنت وشبكات الاتصال إثر الأحداث الجارية إلا أن سفارتنا بالخرطوم ومركز عمليات الوزارة تمكنت من التواصل مع أبناء جاليتنا هناك والاطمئنان عليهم.
والبيان هنا غريب، مثل اغلب البيانات السابقة، اذ كيف تمكنت الخارجية فنيا وفعليا مع التواصل مع الأردنيين، وهم موزعون في مناطق شتى، والطرق مغلقة، والاتصالات مقطوعة، وهذه شبه استحالة فنية، خصوصا، ان الاوضاع في السودان، خطيرة وصعبة جدا. الذي تفعله الخارجية دوما، هو ما يلي، تقوم بالتواصل مع المستشفيات مثلا، او مراكز الشرطة في تلك الدول، بحثا عن مواطن مفقود، او تنتظر تبليغا من مواطن، عن ضرر لحق به، او ابلاغا من وزارة خارجية تلك البلد، عن اي حالة تخص أردنيا، ولحظتها تعلن الخارجية المعلومات التي لديها، لكن القول انها تتواصل مع الأردنيين برغم انقطاع الاتصالات، امر مثير للتندر حقا، الا اذا كان التواصل هنا، روحيا، وعبر تفقد اطياف الأردنيين في الخارج. علينا ان نتحدث بصراحة، إذ طوال سنوات يتم التذمر من علاقة البعثات الدبلوماسية بالأردنيين في الخارج، وحتى نكون منصفين، تحسنت خدمات كثيرة، لكن الدول التي تحترم مواطنيها، تلزم المواطن بتسجيل بيانات تواجده سواء بشكل مؤقت او دائم، عبر السفارة، او عبر التطبيقات، وتلزمه ايضا بأن يحدث بياناته اذا غير موقع عمله، او اقامته، ولا تترك مواطنيها موزعين في الدنيا، ولا تعرف عنهم شيئا، ولا تستطيع الوصول اليهم، اذا قررت ذلك.
لقد تم طرح فكرة التطبيق الموجود في دول عربية، ولم يسمع به احد، ونخشى انه لو تم تبنيه أن يأتينا على طريقة سند، واذا كان سيأتي بهذه الطريقة، فالأفضل ان نبقى كما نحن تائهين.
هذا الكلام لا يعني انتقاصا لأحد، لأننا نعرف ان السفراء والبعثات، ليس لديهم امكانات مالية، سوى رواتبهم، ولا توجد مخصصات، وأعداد العاملين في البعثات قليل، لا يساعد اصلا في المتابعة اذا حدثت اي محنة في اي بلد، وهذا لا يعفي الخارجية من تطوير تصورها للعلاقة مع المواطن، الذي عليه تسجيل بياناته بطرق مختلفة، فيما الذي يرفض تسجيل بيانات تواجده الكترونيا، يتحمل مسؤولية هذا الانقطاع، بينه وبين بلاده، حين يصير البحث عنه، في حالات الطوارئ مثل البحث عن قشة في الصحارى الواسعة. الأردنيون موزعون على قارات الدنيا، أكثر من مليون أردني مغترب، غير الطلبة، تراهم في كل الولايات الاميركية، وكندا واستراليا، وعشرات المغتربات، واتحدى اذا كانت اي وزارة، في الأردن، تعرف عنهم شيئا، عدا عند تجديد جوازات السفر، ودفع الرسوم الكريمة. أمضينا عمرنا ونحن نسمع أن الأردنيين بخير، وندعو الله ان نبقى بخير، لكن يأتي السؤال دون آثارة للسلبية، هل نحن بخير حقا، ام هذه مجرد صياغة حتى يثبت العكس؟