استمزجت آراء ثلاثة معلمين لمادة اللغة الإنجليزية لطلبة الثانوية العامة حول الامتحان التجريبي الذي تقدم إليه الطلبة الأسبوع الماضي، وقد اتفق هؤلاء على أنه كان بمثابة مؤشر غير إيجابي للامتحانات النهائية المقررة في الرابع والعشرين من الشهر الحالي.
كما قمت برصد سريع لملاحظات الطلبة ممن تقدموا للامتحان على صفحاتهم الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، لذات الهدف التقييمي، وأجمع هؤلاء على أن الوزارة لم تراع عند وضع الأسئلة السنة الدراسية الصعبة التي عاشوها جراء التعليم عن بعد، كما لم تلتفت إلى فقدان الطلبة مهارات أساسية كان من المقرر اكتسابها في فصولهم الدراسية.
المعلمون أشادوا بالتزام وزارة التربية “المقبول” بقطع وتمارين الكتاب حرفيا عند وضعهم للأسئلة، إلا أنهم أجمعوا على أنه وفي المرات التي خرجت فيها الأسئلة عن الكتاب، كانت صياغة الجملة ركيكة ومبهمة وتحمل عدة إجابات، ما يؤشر إلى انعدام روح الإبداع والابتكار في وضع الأسئلة لقياس مستويات الطلاب المتفاوتة.
وأوضح هؤلاء أن الامتحان ركز بشكل مبالغ به على أسئلة الكلمات، وغاب عنه التنوع في المهارات اللغوية، أي أن على الطالب أن يكون حافظا للقطع بشكل غيبي حتى يتمكن من الإجابة على الأسئلة، خاصة الكلمات، ولم يترك له مساحة الإجابة عبر فهمه وتحليله لها، بل ذهب أحد المعلمين إلى التأكيد على أن لا علاقة للأسئلة بأنماط امتحان الإنجليزي.
أقل من عشرين يوما على امتحانات “التوجيهي” وقد دفع الطلبة ثمن تبعات جائحة كورونا على التعليم في الأردن. هذه الفئة من الطلبة في السنة الدراسية الأهم في حياتهم، بعد أن جهدوا طيلة 12 عاما للوصول إليها للانطلاق لجزء آخر من حياتهم، لكنهم اليوم يقعون فريسة علم اكتسبوه من منصة “درسك” التي لم تنجح في توفير احتياجاتهم من دروس متنوعة، وحصص تفاعلية، وآليات لقياس قدرات الطلبة، وتأهيلهم بشكل علمي لتجاوز آخر خطواتهم نحو خط النهاية. وإثر كل هذه المعاناة، لم تراع الوزارة كل هذه التحديات، وتحملهم كامل المسؤولية لتجاوز المعاناة العلمية والمعرفية والنفسية التي عاشوها طيلة الأشهر الماضية، عبر وضع امتحان لم يبث الطمأنينة في قلوبهم، بل أرعبهم وزاد من إحباطهم، خصوصا الطلبة متوسطي القدرات والإمكانيات.
عملية الرصد التي أجريتها استهدفت فقط امتحان اللغة الإنجليزية، على اعتبار أنه العقبة الأكبر في طريق معظم طلبة التوجيهي، وهي عقبة تتحمل مسؤوليتها وزارة التربية التي لم تنجح طيلة السنوات الدراسية التي تسبق الثانوية العامة بتأهيل الطلبة وتطوير قدراتهم بهذه اللغة، ولا أعلم إن كانت امتحانات المواد الأخرى التجريبية في ذات الإطار والمحتوى؟
ما أود الإشارة إليه أن وزارة التربية مطالبة بمراعاة أن طلبة التوجيهي خاضوا العام الحالي معركة بلا أسلحة، وبلا معلم يقودهم إلى بر الأمان، وكان التخبط السمة البارزة في أدائهم نتيجة فشل منظومة التعليم عن بعد، باستثناء طلبة بعض المدارس الخاصة، كما أنها مطالبة بالابتعاد عن الفلسفة والتعقيد عند وضع الأسئلة، فاليوم الطلبة يستعدون للانطلاق، ودور الوزارة يتمحور بتوفير الوقود اللازم لهم لا تحطيمهم. وهنا لا ننادي بسهولة الأسئلة، لكن بمنطقيتها وعدالتها.