ما المفاجأة التي ستزفها الحكومة للأردنيين في 25 الشهر الجاري؟ أحد المسؤولين أسرّ لي بها، لكنني لن أفصح عنها، وأترك مهمة ذلك للحكومة لسببين، الأول أن هذه المفاجأة، حد علمي، لم تنضج بعد، وربما لن تنضج، وبالتالي لا حاجة لإضافة خيبة جديدة للأردنيين الذين ينتظرون أي بارقة أمل، في ظل أوضاعهم الصعبة.
أما السبب الثاني، فهو أنني لا أريد أن أحرق على الحكومة فرصة تنتظرها منذ شهور، وترغب أن تسجلها في رصيدها الشعبي، أو أن تقدمها للمواطنين “كبشرى”، قبل الجولة الثانية لرفع أسعار المحروقات.
أدرك تماما أن “إسفنجة” الأردنيين لم تعد قادرة على امتصاص أي مفاجأة، سارّة أو غير سارّة، وأن “ماكينة” السخرية التي اكتشفوها مؤخرا، بفعل ما تراكم لديهم من مرارات، ستتحرك لتبلع ما يصلها من أخبار، هذا بالطبع إذا تجاوزنا “طاحونة” التشكيك وعدم الثقة بكل ما يصدر عن الحكومات.
لا أستطيع أن أبدد هذه الغيوم المتراكمة لدى الأردنيين منذ سنوات طويلة، أشير فقط إلى أن هذه المفاجأة ربما تكون من الوزن الثقيل، ومردودها لن يكون على المدى القصير، كما أنها شكلت “لغزا” في بلدنا لم تسعفنا الحكومات على فكّه، أو إقناع الناس بأنها لا تمتلك أمامه عصا موسى لتضرب الحجر فتفجّر منه ينابيع.
لدي ثلاثة اقتراحات، أضعها على طاولة الحكومة، وهي، بتقديري، أفضل مفاجآت يمكن أن تقدمها للأردنيين، وأضمن أنها ستكون سارّة، خاصة في هذا التوقيت الذي تحاصرهم فيه الأزمات من كل جهة، يسعفني لطرح ذلك مقولات الرئيس حول “العين الحمراء” التي لطالما وعدنا بها، ثم “الأجمل الذي لم يأت بعد”، وأعتقد انه حان وقته، وحضر أهله أيضا.
المفاجأة الأولى: فتح ملف الطاقة، أقترح أن يسلم هذا الملف لهيئة من الخبراء للتحقق مما حصل فيه، سواء على صعيد عقود الشركات، أو بيع شركة توزيع الكهرباء، أو تسعيرة المحروقات، أو ما يتعلق بالغاز، وشركات الطاقة المتجددة، والصخر الزيتي،.. الخ، ثم إحالة ذلك للادعاء العام للتحقيق فيه،(ولاحقا لمجلس النواب)، ومصارحة الأردنيين بكل تفاصيله، وما اعتراه من أخطاء، وربما فساد، وذلك لتطمينهم بأن أموالهم التي تصب في هذا الباب مصانة من العبث، وأن كل من تسبب بأي خطأ سيحاسب.
المفاجأة الثانية: إغلاق ملف المعلمين والموقوفين غير الجنائيين، لا أحتاج هنا لإبراز التفاصيل، فقد أصبحت معروفة تماما، ومن المتوقع أن قرار المحكمة بإغلاق النقابة سينتهي بعد أيام (25/6)، ما يسمح للسياسي أن يتحرك لإجراء ما يلزم من تسويات، تعيد للمعلمين اعتبارهم ووظائفهم، زد على ذلك الإفراج عن الموقوفين، الذين لا يشكلون أي تهديد للأمن الوطني، إذا حصل ذلك، فإن رسالة الانفراج السياسي ستصل للمجتمع، وسيفهمها بإطار انتعاش الحريات العامة، وترطيب المناخات الشعبية، في إشارة للمصالحة بين الدولة والمجتمع.
أما المفاجأة الثالثة فهي فتح ملفات الفساد المتعلقة بالخصخصة، أو ما يسمى ببيع موارد الدولة، سبق أن أشرت لإمكانية إشهار الحكومة لـ”كتاب أبيض”، يشرح ما حدث، وأضيف أن بمقدورها الآن أن تعلن بجرأة عن إعادة التحقيق فيما جرى، ومصارحة الأردنيين به، وذلك لطيّ صفحة ملتبسة وملغومة ما تزال تستفز الأردنيين، وتثير غضبهم وشكوكهم.
هل تستطيع الحكومة أن تفجر هذه المفاجآت الثلاثة، مع المفاجأة الأخرى التي تتكتم عليها، وتستعد لإعلانها في 25 حزيران الحالي؟ لا أدري، لكن إذا فعلت ذلك، وأقنعت الأردنيين أنها جادة فعلا، عندها ستكسب ما تحتاجه من شعبية لتمرير قراراتها الصعبة، أقصد بالشعبية هنا الثقة والقناعة من قبل المواطنين بأن “كفى” بدأت مفعولها، وأن الدولة تسير بالاتجاه الصحيح، وأن التضحيات التي سيقدمونها تصب بمصلحة بلدهم، وهي أرخص، عندئذ، مما يتصور بعض المسؤولين الذين لا يجيدون إلا لغة التهديد والوعيد.