السبت، 06-11-2021
11:02 م
لن يتم ابداً، حل مشكلة الديون في الاردن، لأن منع حبس المدين، ضد مصلحة الدائن، ولأن حبسه أيضاً لا يأتي بنتيجة في حالات كثيرة، وهكذا تورط الكل.
يوم أمس عقد ممثلون من غرف الصناعة وجمعية البنوك والقطاع الخاص اجتماعا مع نقابة المحامين، من أجل مناقشة التعديلات المقترحة على قانون التنفيذ، والتي تتضمن إلغاء حبس المدين، اذا كان دينه تحت الخمسة الاف دينار، حيث تنص التعديلات التي أقرها مجلس الوزراء على القانون إلغاء حبس المدين للدين الواحد الذي يقل عن خمسة آلاف دينار، والغاء حبس المدين في الالتزامات التعاقدية.
ووفقا للأخبار المنشورة فقد أعلن ممثلو القطاعات خلال الاجتماع الذي ترأسه نقيب المحامين مازن ارشيدات، رفضهم للتعديلات التي لازالت في رئاسة الوزراء، والتي سيتم عرضها على مجلس النواب، وأشاروا إلى وجود مخالفات قانونية ودستورية في التعديلات وخاصة مايتعلق بالقاعدة الدستورية التي تنص على المساواة بين الأردنيين في الحقوق والواجبات، وحذروا من الآثار السلبية على الاقتصاد والمجتمع والخزينة العامة لمنع حبس المدين، وقرروا مخاطبة رئاسة الوزراء وعقد لقاءات مع اللجان القانونية في مجلسي النواب والأعيان، من أجل تغيير هذا التوجه.
من الطبيعي جدا، ان تعترض هذه القطاعات، اذ ان اغلبها لديه حقوق مالية يطالب بها الاخرين، واذا مر إلغاء الحبس في مجلس النواب، فسوف تتعرض حقوق هؤلاء الى مشاكل اكبر، من حيث صعوبة التحصيل، كما ان الواقع يقول ان حبس المدين غير منتج، ايضا، اذ ان المدين حين يتم حبسه، لا يستطيع السداد، فقد توقف عن العمل، وفوق ذلك يتم تدميره وتدمير عائلته، وبحيث تتعقد مشكلته من جهة ثانية.
نحن امام ازمة كبيرة والسبب ان اكثرية البلد مدينة لبعضها البعض، وهناك قضايا حقوقية، وقضايا مرتبطة بالشيكات، وغير ذلك.
اذا كانت تعديلات التنفيذ القضائي، تمنع حبس من عليه دين دون خمسة الاف دينار، فأن من له دين على طرف آخر، بهذه القيمة أو اقل، سوف يعتبر تعديلات التنفيذ القضائي، ضده، واضاعت حقوقه، فيما سيشعر بسعادة بالغة كل من عليه دين اقل من خمسة الاف دينار، وهؤلاء اغلبية كبيرة جدا، بين المطلوبين على خلفيات مالية.
لا يمكن هنا الا الوقوف في الوسط، امام هذه القضية، اي ضرورة حفظ حقوق الناس، وفي الوقت ذاته اعادة النظر بقصة الحبس، خصوصا، وكما اشرت في مقالة سابقة، فأنه لو قام كل المطلوبين على خلفيات مالية بتسليم انفسهم مرة واحدة، في توقيت واحد الى الجهات الرسمية، لما وجدت الحكومة مكانا لهم في السجون.
هذا يعني ان الدولة ايضا تريد حل المشكلة، ولا تستطيع تحويل احكام السجن الى واقع، بسبب الامكانات من جهة، وبسبب كثرة المطلوبين، اضافة الى ما خلقه وباء كورونا من ازمات اقتصادية، وتراجع على مستويات مختلفة، في الاردن، والعالم.
هذا الاجتماع مؤشر على بدء التطاحن حول ملف الديون في الاردن، وهو ملف كبير يشمل ايضا فئات ثانية كالمتعثرين، كون ديونهم اكبر، وغيرهم من فئات في ظل وضع اقتصادي صعب للغاية، ونال من فئات كثيرة خلال العامين الاخيرين، وقد تخرج فئات ثانية تطالب برفع سقف الخمسة، الى عشرة، او حتى منع الحبس كليا، على القضايا المالية، واياً كانت قيمة المبلغ المطلوب.
لا احد يعرف ما هو الحل النهائي، في هذه القصة، فعقوبة السجن لم تعد عقوبة قائمة في دول كثيرة، من حيث المبدأ، كما ان عقوبة السجن لها اشتراطات مثل الاحتيال المتعمد في بعض الدول وغير ذلك، وليس مجرد عدم القدرة على السداد، في الوقت الذين يمكن اعتبار هذه العقوبة في الاردن بمثابة التي ابطلتها الظروف، بسبب ما نجم عن كورونا، وغيرها، و حين يصير مطلوبا للتنفيذ القضائي اكثر من ربع مليون شخص، وهو رقم مذهل لا يمكن لعدة دول مجتمعة ان تطبق عليه القانون.
التعديلات مهمة لانها ستجعل الامور واضحة بين كل الاطراف، وكل ما نأمله ان تصل كل الاطراف الى تسوية منطقية، فلا الحبس يبدو حلا، ولا ضياع حقوق الناس هو الحل، ولا بد من تسوية منطقية وفقا لأسس تفصيلية يرضى عنها الجميع.