الثلاثاء، 26-07-2022
04:05 م
أوّل مرّة تعرفتُ فيها على «الوتوتة» عندما حلّ علينا ضيفٌ وأنا في الخامسة أو السادسة من عمري ؛ نادت أمّي على أبي و هات يا «لوك لوك لوك « في صوتٍ خفيض ؛ فنادى الضيف بصوت جهوري : وينكو ؟ قاعدين «تتوتوتوا» بشو ..؟ أرجو التركيز كم حرف تاء و واو في كلمة «تتوتوتوا»..!
من بعدها حفظتُ الكلمة ..وفي المدرسة كان طلاب يتوتوتون أيضاً ..إمّا على طالب يريدون تأديبه ؛ أو على معلم لعمل مقلب فيه ..! وثمة معلّمون أيضاً يتوتوتون على معلم آخر ..!
وحين كبرتُ قليلاً ..وزرتُ بعض الوزارات و المؤسسات الرسمية ؛ هناك من يذهب باتجاه رجل جالس على كرسيٍّ هزّاز وينزّل رأسه إليه وهات يا وتوتة ..! حتى في الباصات ..هناك من يضع رأسه في رأس الذي بجانبه و الوتوتة هي سبيلهم لقتل الوقت وقطع الطريق ..
واشتبكتُ مع الحياة ..واشتبك الغالبية مع الوتوتة ..الغالبية يوتوتون ..وأنا ..أضيع بين وتوتة هذا و وتوتة ذاك ..ولأنني صاحب صوتٍ فضّاح ؛ فشلتُ في الوتوتة ..حتّى عندما أريد أن أخفض صوتي على الآخر و أُلقي كلماتي في أذنٍ واحدة فقط ؛ أكتشف بعدها بلحظات أن الجيران يسمعون وتوتتي..!
ليس هذا هو المهم ..كل واحد حرٌّ في وتوتته ..وليوتوت الجميع كيفما شاءوا ..المهم ألاّ تدخل الوتوتات على خط بعضها ..المهم ألاّ يكون في بعض الوتوتات مؤامرات كبرى على الانسان ؛ أي إنسان ..هذا الذي جاء للحياة كي يعيش فيها عزيزاً كريماً ..!
المانشيتات العريضة التي نسمعها كل يوم في هذا العالم ؛ من خوفٍ علينا ..ومن حقوقٍ للإنسان .. وإلانسان يذبح كل يوم ..يجوع كل يوم ..يحرق كل يوم ..يمسحون بأحلامه صحون طعامهم ..يثيتُ كل ذلك أن مليون وتوتةٍ تجري كل يوم ..وأن ما يجري من وتوتاتٍ في الغرف المغلقة هو ما ينفّذُ فينا كل يوم ..!
أيها الموتوتون جميعاً ..تعالوا نلعب فوق الطاولة ..ولا تقتلوا أحلام أجيالنا القادمة بالوتوتة ..نريد أن نسمع هدير وتوتاتكم فقط ؛ كي نموت ونحن نعرف سبب موتنا المجاني..!