الخميس 2024-12-12 17:26 م

العاقل صار اسمه طبوش

03:38 م

قبل بضعه أيام وإلى هذا اليوم تلقيت وما زلت أتلقى الكثير من الرسائل يسأل أصحابها عن وجهة نظري ومدى تأييدي أو رفضي لمسيره الاخوان يوم الجمعه والتي أطلقوا عليها اسم 'الزحف المقدس', وجميع تلك الرسائل كانت تحمل في طياتها ضرورة المضي قدما في الاصلاح ومحاسبة الفاسدين الذين سرقوا الوطن, إلا أنها حملت أيضا اختلاف في طريقة تحقيق ذاك الإصلاح فمنهم من يرى ضرورة الحسم ومنهم من يراهن على العقلاء ومنح الحكومة فرصة أخيرة إلى حين اجراء الانتخابات النيابية على أمل أن تفرز الانتخابات مجلس قوي يحمل هموم الوطن والمواطن.


أما أنا .. فقد كان ردي على جميع الرسائل رداً واحداً, أنا لم أجد وبكل صدق اعرابا ولا تعريفاً واضح لمعنى 'جمعة الزحف', فهي من وجهة نظري جملة لا محل لها من الاعراب.

ناشدت وسطرت بعض الأمنيات على صفحاتي ورسمتها بحروف وطني أن 'اتقوا الله في هذا الوطن الذي اطعمكم من جوع وآمنكم من خوف', فكان هناك المعارضين لما ذكرت بحجة ان الاخوان على حق وأننا بحاجة إلى محاسبة الفاسدين المفسدين, ومنهم من أيد وبدعوة منه إلى أن يطبق الاخوان أوامر الله سبحانه وتعالى وشرعه أولاً قبل المناداة بالإصلاح. وبصدق .. أنا لم أقصد هذا ولا ذاك.
هل أبدو هنا مشتته ؟؟ هل أحتاج إلى أن ألملم نفسي؟؟ بالطبع, فالحكاية حكاية بنية كاملة, حياة كاملة, ليس لدي أية مشكله مع الشعارات القديمة والجديدة والقبيحة والجميلة, لأنك أحيانا تجد نفسك تحمل رايات شعار لا يمت لك بأي رغبة وتقف في ساحات حرب ليست لك وتحارب ضد طواحين بلدك ومسارحها كدون كيخوت وهو رجل بورجوازي متوسط الحال يعيش في إحدى قرى إسبانيا في إقليم لا منتشا الإسباني إبان القرن السادس عشر لم يتزوج من كثرة قراءاته في كتب الفروسية كاد يفقد عقله وينقطع ما بينه وبين الحياة الواقعية ثم يبلغ به الهوس حداً يجعله بفكر في أن يعيد دور الفرسان الجوالين وذلك بمحاكاتهم والسير على نهجهم حين يضربون في الأرض ويخرجون لكي ينشروا العدل وينصروا الضعفاء, ويدافعوا عن الأرامل واليتامى والمساكين. ثم تعيش كأي جندي تعيس.

وفي عودة إلى موضوعنا, هل ترون أنني أحاول افتعال أزمة؟؟ ربما ما أسطر بمجمله مفتعل كحياتنا تماما, وردود فعلنا المشتتة على مجريات افتعالات حياتنا الغير منطقية, ولكي لا يضيع المحور كما ضاعت المعاني الحقيقة للوطن والحرية والعدالة والكرامة والأغاني الجميلة وتبقى لنا الشعارات الخاوية والرجال المهمشون أريد أن أكون وسطية, هل يعني أنني كنت متطرفة يوما ما؟؟ ربما قد يقنعني متطرف فأقتنع وأحمل شعاره وبندقيته لأدافع عن ما أقنعني به أنه طريق الخلاص الأبدي, لأن النصر والعزة التي نبحث عنها تراءت لي في عينيه وفي صوته. وكان كل هذا وهم لم اتداركه سوى في المعركة وهو يقف في مؤخرة الجيش, أو هناك في منبر لا اعرفه كما حدث في معارك وثورات اخرى لست في صدد ذكرها.

ولا أحب النخب يا سادة, هل تسألون لماذا؟؟ لا يوجد أي مبرر لحبهم, هل يمكن أن يقنعني نخبوي ما؟؟ ربما جميع الاحتمالات واردة بأن اصبح نخبوية في بلد نامي, وهو كما تعرفون يختلف جذريا عن غيرنا من النخب.

قد أجد الكثير من المؤيدين لي, بشرط أن لا أكون وسطية. كونهم يرون في الوسطيه مصطلح ومفهوم ساحر ومؤدب فقط. فمنهم يرون في أن تكون وسطي يعني أن لا تفعل شيئاً سوى أن تقول بعض الجمل الحالمة ثم تنام, فبدأت في معظم الأحيان أحقد على الذين يصفون شيئاً او شخصاً ولو كنت أنا ذاك الشخص بأنه وسطي, وأحقد على الموصوف ومكان الوصف وربما ساقتني حماقاتي لأن ألبس خوذة ذاك الواصف وحاربت باسمه ضد هذا الوسطي الذي رسم بحروفهم في عيني على أنه عدو. وربما زرعت رمحي في ذاك الوسطي المؤدب.

وفي عودة أخرى لموضوعنا الذي لم أخرج عنه, ايجاز ما أريد قوله أن حروفي التي سطرت مترنمة بحب وطني وتلألأت بعنفوانه 'اتقوا الله في هذا الوطن' لم تكن تحمل قط معنى الهوان ومجاراة الفساد بحجة 'الأمن والأمان' بل أشدد على ضرورة محاسبتهم ووضع قوانين ((تطبق)) في مكافحة الفاسدين المفسدين طالما ان الفساد وجوده في حياتنا أمر طبيعي. وفي نفس الوقت لم تحمل الدعوة إلى معاداة الاخوان هم أو غيرهم. جُلَّ ما كانت تحمل الدعوة غلى الحكمة والتعقل. فنحن في وقت وموقف لا نحسد عليه وعلينا ضبط الأنفس أكثر من ذي قبل بكثير.

يا سادة, لماذا أكثرت من تكرار الحرب والمعارك في مقالي؟ هل أنا متوحشة؟ لو كنتم في عمري وفي عمق واتساع أحلامي لعرفتم كم هو مؤسف بحق عدد المرات التي نحلم بها في الخطر المحدق بنا من كل صوب, بالتيارات الهادمة, فكرة التكالب على الوطن, القبض على الجمر, معسكرات, رشاشات, صواريخ, لاجئين, مجاعة, فقر وقهر واستعباد. في كل مرة يخيل إلي أننا في رقعة شطرنج, في كل مرة يتغير فيها اللاعبين ونبقى نحن البيادق والأحصنة والفيلة والوزراء وقد نشكل جميع الأحجار فيها.

من ذا الذي عبث بكِ يا عمان ..
من ذا الذي يحاول قتلك ..
من ذا الذي شوه العقل ونشر الجهل باسم الثقافة والحرية ..
من ضيعك ووضع مكانه في مكانك وادعى أنه يعشقك ..

*يحاصرني واقع لا أجيد قراءته ..!! محمود درويش

باتريشيا أحمد الحجاوي
patricia_h5@yahoo.com


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة