الأحد 2024-12-15 10:47 ص

اللاموقف الأردني من الاتفاق النووي

09:47 ص

الدولة الوحيدة في العالم التي اتخذت موقفا معارضا لاتفاق الدول الكبرى مع إيران حول ملفها النووي، هي إسرائيل. أما الدولة التي لم تتخذ موقفا لا سلبيا ولا إيجابيا من الاتفاق، فهي الأردن!

الحكومة الأردنية، دون سواها من الحكومات الشقيقة والصديقة، رهنت 'موقفها' من الاتفاق بالوقوف على تفاصيله، والاطلاع على وثائقه. وفوق هذا وذاك، لحين أن يخبرنا 'مستر' جون كيري، وزير خارجية الولايات المتحدة، برأيه في الاتفاق.
الاتفاق، كما فهمنا من التقارير الإعلامية، مكون من مئات الصفحات، ويتضمن ملاحق عديدة تعالج مسائل تقنية تفصيلية، عمل عليها عشرات الخبراء من الجانبين؛ الإيراني والأميركي، لأشهر طويلة. و'الوقوف' عليها من الجانب الأردني، يعني أننا بصدد تشكيل فريق فني من عتاة الخبراء الأردنيين، لدراسة تفاصيل التفاصيل، ومن ثم الخروج إلى العالم الذي يترقب رأينا بموقف من الاتفاق؛ إما برفضه أو القبول به.
بصراحة، الدبلوماسية الأردنية تستخف بعقول الناس، لتتهرب من الإعلان عن موقف صريح من الاتفاق.
لقد رحب أصدقاء الأردن، من دول غربية وشرقية، بالاتفاق. لا بل إن أقرب المقربين لنا في الغرب هم من فاوضوا إيران لسنوات، وأبرموا معها الاتفاق. هل نحن أكثر خبرة ودراية بشؤون النووي من أميركا وفرنسا وألمانيا وروسيا؟! ربما لم نكن راغبين في إعلان ترحيبنا بالاتفاق، تحسبا لموقف دول الخليج منه. لكن الأشقاء هناك رحبوا بالاتفاق؛ الإمارات العربية والكويت وقطر. والسعودية دعمت الاتفاق أيضا، لكنها تمسكت بعدم ربطه بالموقف من سياسات إيران 'المرفوضة' في المنطقة العربية.
ماذا ننتظر من الوزير كيري أن يقوله بشأن الاتفاق؟ كيري هو مهندس الاتفاق، وأكثر المتحمسين له، وقد ينال من ورائه جائزة نوبل لهذا العام مناصفة مع نظيره الإيراني جواد ظريف. وقد تبنى هذا الاقتراح بالفعل رئيس وزراء السويد السابق كارل بيلت.
لماذا نبدو وكأننا في ذيل كيري، ننتظر ملاحظاته ومعلوماته عن اتفاق أصبح متاحا للجميع؟
مثل هذا الكلام لم يكن له لزوم أبدا، وينطوي على إهانة لأنفسنا ومكانتنا كدولة محترمة في الإقليم. من يصدق بعد هذه العبارة الجارحة في التصريح الرسمي أن دبلوماسيتنا لا تتلقى التوجيهات من السيد كيري؟
هذا الموقف الخجول، أو بعبارة أدق 'اللاموقف' من الاتفاق، لا يليق أبدا بالأردن. لقد كان الملك عبدالله الثاني الصوت الوحيد في المنطقة الذي يدعو، ومنذ وقت مبكر، لتبني الخيار الدبلوماسي لحل أزمة الملف النووي الإيراني. وفي كل مرة تصاعدت فيها الدعوات الإسرائيلية والأميركية لشن حرب على إيران، كان صوت الملك يرتفع منددا بهذه الدعوات.
اليوم، وبعد أن أكدت الأحداث صحة موقف الملك، تتعامل الدبلوماسية الأردنية بهذه الطريقة مع ما تحقق من إنجاز؟
نعلم أن الاتفاق مع إيران حول برنامجها النووي لا يعني نهاية المشاكل بينها وبين جيرانها العرب. لكن إيران من دون قنبلة نووية أفضل بألف مرة للعرب من إيران النووية. أما القضايا العالقة معها، وهي كبيرة ومهمة، فهي شأن إقليمي، يتعين العمل على تسويتها بالحوار، وفق القواعد التي تحكم علاقات الجوار بين الدول.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة