الأحد 2024-12-15 10:27 ص

المؤسسات المستقلة

11:31 ص

ليس صحيحا أن المؤسسات المستقلة أنشئت في ظل تسارع التحول إلى اقتصاد السوق والخصخصة على يد فريق تبنى هذا النهج عبر حكومات متعاقبة، فأبرز هذه المؤسسات ولدت وترعرعت في ظل حكومات ووزراء محافظون.

فمثلا أنشئت هيئة تنظيم الاتصالات في عام 1995، وأنشئت هيئة تنظيم قطاع الكهرباء في عام 2001 وأنشئت هيئة التأمين في عام 1999، وحتى تلك التي يدور حولها الجدل حظيت بمصادقة مجالس نواب متشددة.
الوزراء والمسئولون والنواب ممن قرروا وساهموا في إنشاء هذه المؤسسات، خلال توليهم المسؤولية انقلبوا عليها، وباتوا يطالبون بإلغائها باعتبارها من صنع وزراء تبنوا نهج اقتصاد السوق وتحرير الاقتصاد أو من عرفوا بتيار الليبراليين ونسوا أن غالبيتها كانت من صنع أيديهم.
صحيح أن الهدف من إنشاء الهيئات والمؤسسات الحكومية المستقلة، كان تجاوز الروتين, ونقل المسؤولية من الإدارة إلى الرقابة والتنظيم, لكن لا يجب أن نتعامى عن أنها توسعت وتورط بعضها في الإدارة حتى فاق عددها عدد الوزارات، وباتت تنازعهم المسؤولية فأصبح لكل قطاع أكثر من رأس يديره ويتابع شؤونه.
هناك هيئات ضرورية في جسد الدولة لكن بعضها عبء وباتت أجسادها عصية على الإستئصال وقد كَبُر حجمها من دون عمل, في حين كان ينبغي أن تصغر مع إنجازها مهماتها، فما كانت تستدعيه عمليات التنظيم من حجم ونفقات أصبح ممكنا تقليصه على افتراض أن استكمال المهمة لا توجب استمرار الحجم على ما هو عليه، فأفاقت الحكومة على موازنات تناهز موازنة الدولة العامة، وبعجز يقارب عجز الموازنة العامة..
.المؤسسات المستقلة أصبحت واقعا، يقوم عليها جيش من الموظفين وتتمتع بموازنات فيها نفقات كبيرة وإيرادات متواضعة، ولها إمتدادات قانونية وتشريعية وترتبط بها مئات القرارات والمصالح، فهل دمجها أو إلغائها يتوقف على قرار مجرد من الفحص.
ظلت النظرة الى المؤسسات المستقلة باعتبارها جزرا سلخت عن الدولة ولا تخضع لسيطرة أو رقابة، وسبب الهجوم عليها, ولد نتيجة السقف العالي الذي وضعته سواء في الأهداف التي ترمي الى تحقيقها أو في الإنفاق أو حجم المشاريع التي خاطبتها والتسهيلات التي منحتها حتى أن الظنون بالغت لدرجة إعتبرت ما تفعله هدرا لمقدرات الدولة بأبخس الأثمان ومثال ذلك المناطق التنموية
نقد هذه المؤسسات انطلق من الرواتب العالية التي يتقاضاها خبراء استقطبتهم، ومن كونها لا تخضع كليا لسلطة الحكومة المركزية لكن الهجوم الأوسع نطاقا كان في تشكيلها منصة لاستهداف سياسات اقتصادية وأشخاص بعينهم ليس إلا.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة