الأحد 2024-12-15 10:57 ص

الموت بفيروس السلام !

09:06 ص

كتب : خيري منصور


في كتابه الشهير بعنوان الخوف من الحرية، يتحدث النفساني اريك فروم عن الحرية باعتبارها عبئا وحمولة لا يقوى عليها الا من قرروا تحرير ارادتهم ومواجهة العالم كما هو، ولا يعادل هذا الخوف من الحرية الا خوف اسرائيل المزمن من السلام، وهذا ما قاله المؤرخ توينبي بعد زيارته الى فلسطين حيث عاد مقتنعا ان اسرئيل تسعى بكافة الاساليب لاجهاض اي مشروع للسلام، لأنها تموت بما تتصور انه جرثومة السلام، وأكدت هذا المعنى باسلوب ادبي ومن خلال رواية يائيل ديان ابنة الجنرال ديان، ففي رواية حملت عنوان طوبى للخائفين حذرت دولتها من هذا النمط التربوي المضاد للطبعة الانسانية، فهي تسعى على مدار الساعة لادامة التوتير والهلع لدى اليهود لأن ذلك كما تتصور هو النهج الوحيد لتأجيل انفجار التناقضات بينهم سواء كانت عرقية او طبقية !

ومن اتيح لهم ان يقرأوا كتاب نتنياهو مكان تحت الشمس لاحظوا انه يدرك هذه المسألة جيدا وليست راديكاليته الا تعبيرا عن الخوف من السلام .

ولدى العرب تجارب متكررة ومبادرات انتهت الى الفشل لهذا السبب، لكنهم لاسباب غير واضحة يرفضون تصديق ما انتهت اليه تجاربهم تماما كما يحدث للضعيف الذي يلوذ بالتفكير الرغائبي فلا يرى الا ما يريد ولا يسمع الا صدى صوته ! وقد صدر مؤخرا كتاب لانطوان شلحت وهو من مثقفي فلسطين المحتلة عام 1948 بعنوان نتنياهو وعقدة اللاحل، يقدم فيها العديد من النماذج التي تجزم بأن اسرائيل تبذل في سبيل اجهاض السلام وافتعال العقبات في طريقه اضعاف ما تصرح به نظريا عن السلام .

وتحليل ظاهرة الخوف من السلام لا يحتاج الى كثير من الجهد، لأن دوافعه تتلخص في احساس الدولة او الكيان الخائف من لحظة ينفجر فيها الصراع، اذ لا بد من عدو دائم من اجل العزف على وتر التخويف والترويع هذا بالرغم من ان هذا الوتر اصبح رثا لفرط ما استخدم، ومن يتابع المتناقضات في اسرائيل قد يفاجأ بما وصلت اليه، حتى بين اليهود القادمين من بلد واحد هو روسيا، فثمة من ينتمون ثقافيا ونفسيا الى ما قبل البيروسترويكا مقابل من ينتمون الى ما بعدها، ناهيك عن الصراع المزمن بين الاشكيناز والسفرديم والفلاشا الذين يسمون انفسهم يهود اليهود !!!


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة