الخميس 2024-12-12 20:37 م

.. بعد الكَمَه!

03:22 م

لم يطل ليله ولكنه لم ينم إلا قليلاً. وكان يرى فيما يراه النائم د. طه حسين يملي على «شحاتة» الصفحة الاولى من كتاب «على هامش السيرة»:.. كان عبدالمطلب سمح الطبع، رضي النفس!! او يرى فيما يراه النائم «ابو العلاء» يملي على اخيه الذي انقطع الى خدمته قصة بشار بن برد في الجحيم في «اسطورته «رسالة الغفران».. وقد «مُنحَ عينان بعد الكمه (العمى) يغلقهما من النكال الذي ينزل به، فتفتحهما الزبانية بكلاليب من نار».


«فغداً سيغير جراح العيون في عينيه «ماءهما الابيض».. ويزرع عدسة تعيد اليه نظره القديم.. قبل ستين عاما!.

ويسأل: أهي عدسة من الزجاج.

-..لا.

- اذن بلاستيك؟!

-.. لا من الكليريك!.

ولا يسأل أكثر: فقد آمن منذ زمن ان العلم تجاوز معارفه المحدودة، وأن عليه ان ينتظر ليفهم!!

ومنذ الصباح الباكر، وهو يعرف هذه العادة منذ اجرى الكثير من العمليات «قلبه، والكلى، ومشروع سرطان في البروستات (دون جراحة) كان في غرفة التحضير..

- هل تريد بنجاً كاملاً؟

- لا.

- هناك ابرة لتخدير موضعي، وهناك قطرة في العين لكن شرط أن تساعدني.

- أساعدك.

- وبقيت ربع ساعة او يزيد، وعدت مستنداً الى يد «رقصتي المسكينة.. وخطاي غير ثابتة فأنا لا أرى في العين اليسار المضمدة، ولا في العين اليمين دون النظارة:

- تكشف الضماد بعد ساعتين وتستعمل «القطرة» كل ساعتين!

واستطعت في المساء ان اشاهد نشرة الاخبار لاول مرة بلا نظارة منذ ستين عاما.

هذه المرة اعدّل في نظارة ليست على انفي، وكنت شابا اخفيها، لانني كنت اقرأ زرادشت لنيتشه. وألبسها في دار السينما.. في العتمة كنت اتعامل مع عيني الجديدة واضع ضماداً على عيني القديمة بانتظار اليوم لاصلحها!.

وسبحان العلم، سبحان العلم الذي اعطاه، فكل هذه التداعيات اكتبها دون ان اتحقق من حروفها!!.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة