الخميس 2024-12-12 17:36 م

ثورة فالنتين .. !

01:04 ص


لم أقرأ في التاريخ القديم والحديث عن قضيّة مناضل تم تمييعها كما حصل مع القديس فالنتين، يحتفل الناس في مثل هذا اليوم بعيد العشاق والسبب كما يعرف الجميع هو مصادفة اليوم للتاريخ الذي أُعدم فيه ذلك القديس ، لكن ما لا لم يقرأه الكثيرون خلف تلك القصّة عن وقوف هذا القديس في وجه الطغيان والجبروت حتى دفع حياته ثمنا للمبادئ والدين الذي آمن بهِ.



كان الإمبراطور الروماني قد منع الجنود من الزواج ، لاعتقاده أن المتزوجين أقل قوّة من غير المتزوجين ولأن المتزوجين بطبيعة الحال يحنون إلى زوجاتهم مما يلهيهم عن المهام القتالية التي تطلب منهم والتي انحصرت في ذلك الوقت 'بقمع الثورات' التي على ما يبدو أنها انتشرت كما النار في الهشيم في ذلك المجتمع، فما كان منه وهو رجل وثني يعبد الأصنام وما شابه إلا أن أصدر مرسوما يقضي بمنع الشباب من الزواج.

القديس فالنتين لم يرضى عن هذا المرسوم فوقف وبكل قوّة يحارب هذا الفكر المتطرف الذي يلغي حاجة أساسيّة من حاجات بناء أي مجتمع سليم ، بل إني أعتقد جازما أنه حارب هذا الإمبراطور عن طريق تحريض الناس عليه ، وتنبيههم إلى الطغيان والجبروت والفساد الذي يقودهم إليه دون أن ينحصر تحريضه هذا في تزويج أتباعه.


وكحال كل الطغاة لم يجد الإمبراطور مفرا من استدعاء فالنتين للتفاوض معه ، وهذا يعطي دلالة واضحة إلى وجود أتباع كثيرين للقديس فالنتين ، فأي حاكم يتفاوض مع من يشكلون ثقل وأهمية ، ومن يشكلون رأيا عاما واتجاه مؤثر، وتروي القصّة أن الإمبراطور دعا القديس لترك ديانته وإتباع الديانة الوثنية لكن القديس رأى أن من واجبه كرجل دين أن يدعو الإمبراطور للديانة المسيحية ، فما كان من الإمبراطور إلا أن رماه بالسجن وأنا أتخيل أنها فترة طويلة لأن القديس فالنتين أستطاع أن يصنع صداقه مع السجان المسئول عن مراقبته ، لدرجة أنه صلى لله في آخر ليلة لهُ في السجن ليشفي بنت ذلك السجان من مرض مزمن ... وهذا ما كان.


فالنتين ليس رمزا للحب ، بل هو للثورة على الطغيان واستعباد البشر وتحقير مكانتهم واستغلالهم ، فالنتين ليس 'دبدوب أحمر' يهديه رجل 'ناقص' مروءة لفتاة لهدف في نفس 'الشيطان'.
وللعلم فإن اللون الأحمر كانت تمنحه الكنيسة للشهداء من أبنائها ... فلنحترم هذا الرجل بعدم تمييع قضيته ...!
'ها كيف لعاد'


قصي النسور
qusainsour@yahoo.com


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة