الخميس 2024-12-12 10:29 ص

رفع الدعم يعني الزحف على البطون

01:41 م

الحكومة الحالية ومنذ تسلمها دفة السلطة التنفيذية وهي تقوم بترويع وإرعاب الناس بإطلاق التصريحات المختلفة المتعلقة برفع الدعم عن بعض السلع وتقديم دعم مالي لن يسمن ولن يغني من جوع. ودولة عبدالله النسور من أكثررؤساء الحكومات ظهورا على الإعلام ويحاول جاهدا إقناع الناس بصوابية قراراته ونجاعتها وبنفس التزامن يحاول تأكيد سعيه لتكون قراراته ذات تأييد شعبي ورضا عام مؤكدا أن لا ضرر سيلحق بذوي الدخل المحدود.

وهل الدعم النقدي الذي تحوم حوله التصريحات والمجسات الإسترجاعية الذي يقل عن مائة دينار للفرد سنويا سيغطي تبعات رفع الدعم؟؟ مع العلم أن الأسعار ولكافة المواد سيطالها الإرتفاع جراء رفع الدعم عن المحروقات بالذات. وما نسمعه من أرقام الدعم النقدي لا يتجاوز بأبهى صوره المئة دينار لكل فرد بالسنة مما يعني أن الفرد سيتلقى ما مقداره (8,33) دينارا شهريا ولأسرة من ستة أفراد مثلا (50) دينارا شهريا. فهل هذا المبلغ سيكفي لتغطية فرق سعر البنزين والغاز والكهرباء مضافا لها الإرتفاع الذي سيشمل كل ما يباع ويشترى على مدار السنة؟؟ نتمنى على المعنيين ذوي الرواتب الألفية أن يفيدونا وأن يتوقفوا عن معاملة الأردنيين وكأنهم يفتقروا للعقول التي ميز الله بها البشر عن باقي المخلوقات. لذلك مهما قدمت الدولة من دعم فلن يغطي نسبة بسيطة من الإرتفاع الجنوني التي تعتقد الحكومة أنه المنقذ للإقتصاد المتردي.

وبهذه المناسبة لا مناص لنا من التعريج على أضحوكة الفساد المستعصية على الحل. جميعنا يقر بوجود فساد وفاسدين وأصحاب شد عكسي ومحاربين للإصلاح وغيرهم ممن أهلكوا ميزانية الدولة وحملوها ديونا جعلتها تزحف زحفا حتى تمزق ما يسترها. هذا الإقرار بوجود الفساد جاء من رأس النظام حتى أبسط فرد في المجتمع. ترى، هل استمرارية الحديث عن وجود فساد وأن الفساد أوصل الدولة والشعب للزحف على بطونهم لثقله قد ساهمت بحل هذه المعضلة؟؟

هل يوجد فعل بدون فاعل؟؟ هل يوجد جوع بدون جوعى وعطش بدون عطشى؟؟ وبنفس المقياس, هل يوجد فساد بدون فاسدين؟؟ لقد تم تشخيص المرض ( وجود الفساد ) لكن هل هناك يا ترى بوادر أو مؤشرات جادة ومخلصة لوصف العلاج المناسب لقتل الفساد؟؟ هل هناك نية لمسائلة الفاسدين والتحقيق معهم وتقديمهم للقضاء لاستعادة ما سلبوه من الوطن الذي انتماءهم له يقاس بقدر ما استولوا عليه؟؟ هل بلغت الحكومة من السذاجة مبلغا يجعلها تعتقد أن الأردنيين ستنطلي عليهم قراراتها التجويعية والهادرة للكرامة؟؟

هل تغيرت أسس ونمطية اختيار الوزراء والمستشارين والخبراء الذين يتوخى منهم العمل على وضع برامج وخطط تخلق جوا اقتصاديا مريحا ؟؟ هل الإختيار يقوم على أساس الكفاءة والأهلية أم على أساس المحسوبية والتوريث؟؟ هل سنبقى نتحدث عن الفساد دون الحديث عن الذين صنعوه؟؟ هل تصل الحكومة أنات الشعب الذي حمّلته مالم تحمله جبال كولورادو الصخرية؟؟ ترى ما الذي يلوح بالأفق للأردن وللأردنيين؟؟ أهو التركيع والعيش على فتات الحكومات وصدقات المتصدقين التي أصبحت مشروطة ولم تعد شيكات بنكية تصرف أو إيداعات مالية تودع في البنوك ثم تتبخر؟؟ ذاك زمان ولّى بظروفه وشخوصه ودوافعه.

إن رفع الدعم يعني أن هناك ' دواء ' تم وصفه لدائنا من شأنه أن لا يعالج الداء بل ليخلق داءا آخر تصعب أو ربما تستحيل معه الأدوية. كما أن من شأنه أن يأجج الشارع ويقود الناس لردات فعل غير مسبوقة ولم تحسب حسابها الحكومة وربما لا تتوقعها ويعطي ذريعة للمعارضة التي تترقب لهفوة هنا وسقطة هناك لكي تحشد الشارع الأردني وتزيد من جماهيريتها ومؤيديها وتستقوي بالشارع المتهالك إفتصاديا ومعيشيا لترفع من تصعيدها ومطالبها المحرم منها وغير المحرم.

الحكومة الحالية وعزمها انتهاج التحاذق بكيفية طرح قراراتها معطية انطباعا بالإنفتاح على الشارع وحراكه والمعارضة ومظهرة عدم التسرع لكي تدرس التغذية الراجعة ( Feedback ) وتتصرف على أساسها، نهج تبدو الحكومه من خلاله أنها أغفلت ردة الفعل أو أوهمت نفسها بالقدرة على التعامل والخروج سالمة منها.

كما يبدو لنا أن الحكومة تغافلت عن الشأن الإنتخابي المتفاعل والمرخ للإحتجاجات وتبعاته وإفرازاته وتغافلت عن المعارضة التي تتربص وتهدد بالتصعيد واللجوء لإعادة هيكلة الحراك وإعادة تأهيله ليتناسب مع مرحلة ما بعد الإنتخابات. هذه العوامل وغيرها الكثير كفيلة أن تقلب الوضع إلى جحيم يزيد من اتخاذ القرارات المتخبطة التي تزيد الإحتقان والتوتر والهيجان عند الناس.

هل من الحكمة والجدوى أن يُعاقب شعب بكامله بجرم ليس هو مُرتكبه ويُغض النظر عن نفر من الفاسدين أهلكوا الناس والزرع والحرث؟؟ هل الفاسدون من المنعة والقوة والحصانة والحماية الإلهية لدرجة تجعلهم محصنين ضد المحاسبة؟؟ ألم يقل جلالة الملك بالأمس القريب 'أن لا أحد فوق القانون'؟؟ فلماذا القانون لا يطال إلا البسطاء؟؟ هل القوانين وضعت لتحمي المتنفذين وتطبق على من سواهم؟؟ هل هم قوة خفية هلامية لا أحد يستطيع تحديد ملامحها؟؟ هل صندوق النقد والبنك الدوليين يتدخلا بأدق تفاصيل حياتنا ورسم السياسة الإقتصادية للدولة كما توحي لنا الحكومات؟؟ هل فرضا القروض على الأردن أم هم المخططون والماليون والإقتصاديون الذين تنقلوا بين مواقع المسؤولية عن التخطيط والمال والإقتصاد والذين كانت الثقة الملكية بهم مطلقة؟؟ ماهو معروف أن الدائن يطلب دينه من المدين دون اكتراثه بالمصدر والآلية. فهذا من اختراع وابتداع الحكومات ذات السياسات العاجزة عن وضع خطط وبرامج اقتصادية تنموية ترفع من النمو الإقتصادي الذي بدوره يصب في تخفيف المديونية والعجز.

عندما تصم أذان الحكومات والقضاء وتغمض عيون الرقيب عن مطالب الشعب باسترداد حقوقه المالية المسروقة ومقدراته المباعة ومكتسباته المصادره فهي بالتالي تتعامى عن سلوك الدرب الجاد لمعالجة الفساد والحرامية وتقول للشعب نحن والفاسدون عليك أيها الشعب دون التصريح بذلك مباشرة.

يقول د. فهد الفانك بمقاله المعنون ' الفساد كمصدر تمويل ' خلال رده على طرح الجبهة الوطنية للإصلاح : ' سنقف عند واحد منها وهو محاربة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة، مما أصبح شعاراً جاهزاً لمنع أي إصلاح مالي.

دائرة مكافحة الفساد تحيل قضايا الفساد بالجملة إلى القضاء، ولكنها لا تقدم الأدلة الكافية لإدانة من تشتبه بهم، والقضاء لا يستطيع الحكم بموجب الشبهات والشعارات السياسية، بل يحتاج لأدلة لم يقدمها أحد، مما يحرج القضاء الذي يعمل على التأجيل حتى لا يتسرع في منح البراءة'.

فبأي حق وبأي دين وبأي منطق وبأي قانون يتم تحميل المواطن تقصيرهيئة مكافحة الفساد وعجزها عن تقديم الأدلة؟؟ ولماذا رواتب موظفيها بالآلاف طالما لا يقدموا دليلا على القضايا التي بين أيديهم لإدانة الفاسديين؟؟ فما جدواها إذن ولماذا لا تُحَلّ وتلغى أو تعاد هيكلتها وتعطى صلاحيات تمكنها من أداء دورها المنوط بها بحيث تصبح هيئة فاعلة وأداؤها يتناسب مع القصد من تأسيسها طالما أنها بهذه المنهجية تتستر على الفاسدين وترمي الكرة بمرمى القضاء الذي يعتمد على الأدلة؟؟ ولماذا السكوت لغاية الآن عن هذا الخلل القاتل؟؟ أليس السكوت يعني الرضا عن الأداء؟؟

بعد هذا العرض الذي جاء نتيجة إستقراء لنبض الناس بسيطهم وهو الغالب وغير بسيطهم, نقول لدولة عبدالله النسور والذي لا نشك بمحاولته ملامسة نبض الشارع أن قرارا كهذا سيأتي بكارثة موجعة ولا نشك بأنه حريص على التهدئة ولا نشك بنهجه الوطني وغيرته على الأردن ومواطنيه، نقول ادخل التاريخ الأردني مع وصفي وهزاع وعبدالحميد وغيرهم من الغيارى الذين لم يكن همهم إلا إرضاء الشعب وهدفهم التخفيف عنه ورفع المعاناة والتقليل من الأعباء. ولا تكن يا دولة الرئيس الأداة التي يُضرب بها الشعب وأنت المفارق لكرسيك خلال أشهر معدودات، فاصنع ما يتذكرك به الناس خيرا ولا تغير الصورة التي رسمتها بأذهاننا نائبا مدافعا عن الحقوق ومطالبا الحكومات بإستقلالية قراراتها ومؤكدا على الولاية العامه. وإن لم تستطع فاستقل واعترف أمام الملأ أنك لم تتمكن من إنجاز مهمتك.

د.عبدالله النسور أنت مدعو اليوم أكثر من أي وقت مضى بالتروي والنظر على الصورة كاملة وليس على جزء منها لتتضح لك كل مكوناتها. استمع لنبض الناس ولا تتغافل عنهم فهم من يتأثر بقرارك وليس من تستشيرهم وهم الذين سينتفضوا بوجهك عند إلحاق الضرر بهم وبأبنائهم ولقمة عيشهم وهم الذين سيخلدوك بذاكرتهم إذا أقنعتهم أنك تعمل لصالحهم وصالح وطنهم.

وحمى الله الأردن والغيارى على الأردن. والله من وراء القصد.

ababneh1958@yahoo.com


راتب عبابنه


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة