مصطلح مهم تحدث به أحد أصحاب الخبرات عن علاقة الدول مع شعوبها وهو عطف الدولة أو الدولة الحنونة، أي أن تكون الدولة في حالة عطف على أبنائها، وتتحدث معهم بحنان لتصنع حالة الرحمة والتراحم مع كل فئات المجتمع، ويشعر معها الناس أن علاقتهم بدولتهم ومؤسساتها ورموزها وحكوماتها ليست علاقة خنادق وأطراف متضادة.
الدولة الحنونة تعمل على أن لا يكون هناك في علاقتها بمواطنيها مصطلحات ' نحن وهم ' أو ' المجموعة الحاكمة ' أو ' حكومتهم '، أو الشعور بأن المسؤولين من فئة أخرى وكأن غايتهم إلحاق الأذى بالناس، أو زيادة معاناتهم، أو البحث عن وسائل لزيادة المشكلات.
الحنان أو العطف يبدأ في خطاب الدولة أو الحكومات، فحتى عندما يكون هناك قرار صعب، فإن الخطاب المفعم بالحنان يجعل الناس شركاء وليسوا ضحايا لقرارات الدولة، فالناس أحياناً كثيرة تعلم أن بعض القرارات والتوجهات ضرورية لكنها صعبة، لكن عندما يكون خطاب الدولة جافاً خالياً من أي ود وعطف فإنها تقفز إلى خانة أذى الناس.
والدولة الحنونة مطلوبة ليس في مراحل تمرير القرارات بل هي عامة ودائمة، فالمواطن يجب أن يشعر أن الدولة حنونة أي تتفهم مطالبه وحقوقه وأنها تبذل جهدها لتقديم الحقوق للناس، فالأب يمكن أن يقدم لابنه هدية بثمن قليل وفق قدراته لكن بعاطفة صادقة تجعل الابن يشعر أنها جميلة وكبيرة.
حنان الدولة لا يعني عدم تطبيق القانون، ولا يعني تعميق رعوية الدولة، لكنه جزء من منظومة العلاقة، ونتحدث عن الحنان الصادق وليس المفتعل، ونتحدث عن عطف ليس على حساب التخطيط ومنهجيات العمل المنظمة.
عطف الدولة نتائجه أن يبقى المواطن يشعر أن الدولة له، وأن الجهات المسؤولة تعمل من أجله، تفكر به، ولا تجد وسيلة لخدمته إلا تبنتها، وأن المسؤول جزء من الناس وقريب، وأن الحكومات تمارس الاقتراب من الناس كفعل وطني وليس إجراءاً إدارياً حتى تقول في بياناتها أنها تمارس عملاً ميدانياً.
الأمر ليس بحاجة إلى دورات خطابة أو تعليم الحنان للمسؤولين، بل أن يكون المسؤول صادقاً عفوياً حريصاً على الناس والدولة، مهموماً بأن تبقى علاقة الناس بدولتهم وثيقة قوية، وأن لا يصنع فجوة أو يعمق مشكلة.
حنان الدولة يكون من خلال لمسات الوفاء لمن قدم وأعطى ولا يتقن طرق الأبواب.
وعطف الدولة هو التقدير لأصحاب الإبداع، أو نماذج الإخلاص من عامة الأردنيين، أو إنصاف صاحب حق.
لنتذكر أننا عندما نذكر حساسية وعطف عمر بن الخطاب فإن ما نذكره حكاية العائلة الفقيرة والأم التي تطبخ الحصى، وجيلاً بعد جيل نذكرها، وهكذا هي المجتمعات بحاجة إلى نماذج عفوية للتعاطف.
قد يكون هناك أبعاد أخرى لمفهوم الدولة الحنونة أو عطف الدولة، لكن الجوهر أنه مثلما يكون الفرد بحاجة إلى العاطفة والعطف والحنان في علاقاته، فإن الشعوب تحتاج من أهل الحكم والإدارة العليا فيها العطف والحنان في الخطاب والفعل وبأشياء كثيرة.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو