الأحد 2024-12-15 09:47 ص

عن عئل ..

07:26 ص

غادر الأمانة، أمين طيب وبسيط ومحترم...وجاء إليها أمين جديد إذا نظرت إليه فعليك إما أن تتذكر أغنية ناظم الغزالي :- عيرتني بالشيب وهو وقار...وإما أن تتذكر (ستالين) فهناك شبه كبير في الشكل والإطلالة.

في بلادنا إذا كتبت عن شخص ما بود، سيحاكم المقال من زاوية التزلف أو النفاق وإذا هاجمت شخصا ما سيحاكم مقالك من زاوية الحق والجرأة، وأنا لي زاوية مختلفة في الكتابة وهي أن أحكم بوصلة القلب،ذاك أن العقل يحسب الأشياء بمنطق الربح والخسارة أما القلب فهو خسران دائما، وفي هذا العمر الممتد بين الكرك والكرك وبين عيون زينة ابنتي وجدائلها...تراكمت خساراتي ولكن في كل خسارة كان القلب ينتصر...
ما يزعجني في (عئل بلتاجي) وأنا أسميه (عئل) ...تيمنا بالسيدات اللواتي يصعدن إلى خشبة المسرح في مركز الحسين ويوجهن الشكر للأمانة ومعالي الأمين (عئل بلتاجي) على دعمه ومساعدته...لهذا أصبح أول تحول في حياة الرجل هو أن اسمه تغير من عقل إلى (عئل)...أعود إلى ما يزعجني في الرجل :- أولا لأننا جئنا من مجتمع الصحافة والمعلومة والتقاطعات..كنا زمان نمارس على المسؤولين (فهلوتنا) ومن السهل إقناعهم بأي شيء...والمشكلة في (عئل) أنك لا تستطيع أن تمارس معه فن التحليل والمعلومة والفهلوة الإعلامية لأنه صحفي وأمين وموسيقي وملحن...وسياسي،وفنان...ويعرف تاريخ الصين وتاريخ الهجرة، وانصدمت آخر مرة حين تبين لي أنه يعرف تاريخ أم كلثوم منذ ولادتها حتى وفاتها،ويعرف عن أفغانستان أكثر مما يعرف أهلها.
الأمر الآخر...عمان تحتاج من أمينها أن يعرف التاريخ الاجتماعي لها، وإذا عرفت تاريخ الناس ونسبهم وعلاقاتهم،وتطور حياتهم فربما سيسهل عليك التعامل معهم..مع مجتمع التجار ومجتمع الفن....وحتى مجتمع السياسة...(وعئل) يعرف ذلك جيدا.
الأمر الثالث المهم...والإشارة الأخطر، هي أن البيروقراط في الدولة الأردنية لا يحتاج للتطوير والتأهيل بقدر ما يحتاج للشيب والخبرة،..وهذا يؤكد أن الوظيفة العامة تحتاج في لحظة ما للخبرة والشيب..فنحن ما زلنا نعاني من إرث اقتصادي متراكم جزء من المسؤولية فيه يتحملها جيل، قرر أن يدير اقتصاد الدولة دون فهم للتاريخ الإجتماعي وبمعزل عنه، ودون إقامة أي اعتبار للبيروقراط وعبر إخضاعه لمحاولات التجريب....وتجاوز هيبته والأدوار الاجتماعية التي يؤديها.
عمان فيها مشاكل، وفيها تراكم هائل من التنفيع، ومن التعب...ولكنها العاصمة العربية الوحيدة هي والرياض التي لا تقع على بحر ولا على نهر..والماء فيها شحيح وقد عوضنا الأمر بالدفء والحب، فالعسكر الذين حموها وقاتلوا دفاعا عنها...كان دمع عيونهم الذي يسيل جراء برد تشرين الذي قرر في صباحات المعركة أن يلسع أجفانهم..كان أكبر من نهر وأوسع من محيط..وما زال وميض ذاك الدمع يحمينا منذ أن غادر تشرين
على كل حال، كنت أود أن أكتب عن صديقي، ولكن اليوم أكتب عن مديري....(عئل) زمان حين كنت اصادفه في مطعم ما، كنت باسم المهنة ودفء القلب أجعله أحيانا يدفع الفاتورة والآن..جاء دوره كي يجعلنا ندفع فاتورة الدوام المبكر جدا والكتب الرسمية التي تكون واضحة ومحبوكة جيدا، وتقديم تقرير مفصل عن كل فعالية...تعقد في مركز الحسين، والجرأة الشديدة الممزوجة بالحذر في كل قرار وإجراء.
وسؤالي الأخير هل سينجح (عئل) الذي يذكرك حين تراه بناظم الغزالي وأغنيته :- (عيرتني بالشيب وهو وقار)... في إدارة مؤسسة عملاقة بحجم الأمانة.... أنا لا أحسب الأشياء من زاوية التقييم والخبرة أحسبها من زاوية القلب فقط فالذي يتقن فن الغرام والحب، يتقن فن الإدارة...وعمان سيدة عظيمة وأظن أن (عئل) يعرف الغرام والأوطان...
ويعرف أن الذين عيروه بالشيب...ما كانوا عشاقا يوما ولا فهموا فن الغرام؟
على كل حال مازال صدى صوت النساء اللواتي يصعدن خشبة المسرح في فعاليات الموسيقى والفن يتردد في ذهني حين يشكرن معالي الأمين السيد (عئل بلتاجي)..
صباح الخير سيد (عئل)؟


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة