الجمعة 2024-12-13 00:27 ص

"قال, حوار‭ ‬عربي‭ ‬صيني .. قال"‭‬

07:39 ص

بدت بطاقة الدعوة المُذهبة ,وكأنها فتح جديد لعالم اخر من الاحداث التي تشهدها منطقتنا العربية، ' تحت رعاية صاحب المعالي الفذ.. والانجازات الخالدة، ابو العيون جريئة, والنظرة الثاقبة.. ندعوكم لحضور افتتاح اعمال الحوار العربي الصيني في قاعة الكريستال غير المسبوق لفندق الست عشرة نجمة, الذي يسم عاصمة البلاد بالتفرد بين عواصم الخلق ومدن العالم' و.. عفواً 'الحضور باللباس الرسمي او الزي التراثي على الاقل'..

إنتهت الدعوة الرسمية، وبدأت أولى جلسات منتدى الحوار العربي الصيني تحت عنوان 'العالم العربي والصين.. آفاق العمل المثمر في ظل الربيع العربي '..

لعلها مناسبة جديرة بوصف القاعة الكريستالية المَهيبة التي وُضعت بإمرة الحوار المنتظر، حيث لا مكان للخطأ، ولا مجال للنقد حتى.. فباقات الورد المنتشرة في المكان، واليافطات العملاقة التي تحمل لغتي الحوار العربي والصيني.. وبوفيهات الشاي و(الانجليش كيك) العامرة، والسكرتاريا النابضة بالجمال العربي الاصيل، وانظمة الصوت والصورة التي لا تُرى إلا في برامج الـ( فويس وستار اكاديمي وطبعاً آربس غت تالانت..).

اثنان وعشرون عربياً من صفوة الصفوة، يمثلون إثنين وعشرين بلداً عربياً.. أيضاً من صفوة الصفوة، واثنان وعشرون صينياً يمثلون الامة الصينية الصامدة على خطوط الانتاج الذي لا يتوقف خدمة لأسواق العالم المُتعطش لكل ما يحمل 'ميد إن تشاينا'..

خذوا هذا المشهد.. لتُدركواأصالة الأُمة العربية، وسعيها الحثيث نحو عالم مًتغيرفي ظل ربيع عربي, لم تتغير فيه إلا الاسماء والوجوه ومواسم الاستفتاءات ومليونيات الرفض والمُمانعة، وسقوفُ تعبير إرتفعت, ثم سرعان ما إكتشفت انها في الهواء..

بالمناسبة كانت جلسات الحوار المُضني على الهواء.. في الجزيرة مباشر حفاظاً على شفافية النقل وموضوعية التغطية للرأي والرأي الآخر..!!

المشهد الاول.. إثنان وعشرون صينياً يتحدثون اللغة العربية بطلاقة, مسلحين بملفات وأضابير وقضايا، واثنان وعشرون عربياً لا يتحدث معظمهم الصينية ولا الانجليزية، وبعضٌ منهم يتحدث العربية بركاكة واضحة..

المشهد الثاني.. هم نفسهم.. أقصد الصينيون, كلٌ منهم يتأبط كمبيوتراً شخصياً يعني (لاب توب)، يستعينُ به في طرح المحاور والقضايا إعتماداً -على ما يبدو- على معلومات أُعدت مسبقاً وبشكل مُتقن.. وأمامهم إثنان وعشرونعربياً يُمَثلون ذات العدد من الدول العربية، بعضُهم تأبطَ صحيفة ,وأخرون قدَموا أجهزة (الايباد) المتطورة أمامهم.. ثم مجموعةٌ ثالثة أتت (يا ربي كما خلقتني)..!!

تحدث بعضٌ من الصينين بجدية -غير مفهومة- للطرف الاخر، عن آفاق التعاون والتنمية، قالوا في الحوار الثقافي، والتقارب السياسي، والتعاون الاقتصادي..!!

في هذه الاثناء كان المندوبون العرب.. ثلاثة منهم يتحدثون جانبياً في ما يجري على الساحة المصرية، واثنان منهمكون في جدل بيزنطي حول الاسلام السياسي والدولة العربية الحديثة.. مندوبٌ مشرقي في تلك الاثناء انشغل في البحث عن موقع ساخن على جهاز الايباد الخاص به، فيما مندوبٌ خليجي وأخر شمال افريقي لم يذق طعم الربيع وثالثٌ من اقاربنا ,مندمجون في حوار ضاحك لم يُفهم منه اي تفاصيل.. سُمع من أحدهم تكراره الواضحة لكلمة (المؤامرة).. فيما إنهمك اخرٌ في حديث طويل عن الانتخابات مع ثالث ما يزال يأمل ان تعرف بلاده الطريق إليها.

المشهد الثالث.. ساقت الأقدار ذلك البوفية الغني بكل ما تشتهي الأنفس أن يكون (قدرياً) على جانب المندوبين العرب، وهكذا كان.. مجموعةٌ تقاطع الحوار الصيني (غير المفهوم) وتنطلق نحو( الكرواسون والكيك )وكل ما يخطر على بال بشر، وأُخري تتوالى على القهوة والنسكافية، 'شوهد ثلاثة ٌفي طرف القاعة منهمكون بالتدخين، عُرف منهم مندوب الاردن، رابعٌ يقرأ صحيفة محلية مُصدراً للحوار اذاناً صماء..

اثنان وعشرون فنجان شاي أخضر فقط.. تقدمت وجوه المندوبين الصينين في الحوار، دون حراك..!!

المشهد الرابع.. تنتقل الصورة إلى ما تحت الطاولة وعلى طرفي الحوار ..على الطرف الصيني، سيقان مُتزاحمة مُتراصة وكأنها في صف العسكر, و تُذيلها أحذية لامعة، أقدام ثابتة وراسخة في مكانها..

على الطرف الاخر.. (بلاوي) تماماً مثل تلك البلاوي التي كانت على رأس الطاولة, أحدهم قام بثني ساقه تحت فخذه وكأنه في ديوانية العائلة..أخر يمرر أصابع يده باتقان بين أصابع قدميه..

رابعٌ مشرقي، يهز قدميه بعصبية واضحة تشي بتوتر خلقه الاحساس بالملل من هذا 'الحوار الفارط'، سيقان تتقلب على سيقان، تتهيئ للمغادرة وكأنها لطلاب يَهمون بمغادرة الحصة الاخيرة على وقع الجرس..!!

اما احلا العرب في ذلك الحوار.. فهو ذلك الذي خلع حذائه وجواربه ليريح قدميه من عناء الحوار.!!

اعرفتم الآن الفرق بيننا وبين الصين.. لعل الاجابة تحتاج لحوار عربي عربي في احد الفنادق الفارهة..!!



gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة