الإثنين 2024-12-16 09:36 ص

ليست تسريبات صهيونية بل فهم عميق للإعلام

10:37 ص

واهم من يعتقد او يصدق ان ما جرى نشره على الفضاء بكثافة هو محض تسريبات صهيونية او التزام بحرية النشر وحق الجمهور في المعرفة بشكلها المطلق، بل هي رسائل استخباراتية خاضعة لفهم عميق ومصنوعة في احدث مختبرات الحرب النفسية وباشراف جنرالات حرب محترفين، فالعبارات التي تلفظ بها رئيس حكومة الاحتلال على الهاتف مع القاتل مدروسة باحترافية عالية واصابت الهدف بكل دقة، وفيديو استقبال قاتل السفارة وعدم اظهار صورته فيها احترافية اعلى وحتى اشارة القاتل الى ان الضربة في كتفه اشارة بالغة الذكاء، فهو تعرض لمحاولة غدر من الظهر ولا يمكن ان يسقط الاعلام النفسي الصهيوني في خطأ اظهار وجه القاتل ليس لاسباب امنية فقط بل لاسباب فنية اعتقد انها ستكشف زيف محاولة تعرضه لعملية طعن فوجهه غير مخدوش ابدا ولذلك تم الاخفاء .

توظيف الاعلام في الحروب النفسية وغسيل الادمغة مهارة فائقة يتمتع بها الاعلام الصهيوني والاعلام الاستعماري الامريكي ولعلنا نستذكر قصة الطفلة نيرة لتبرير غزو العراق ومشهد الدبابتين على الجسر العراقي وحتى اغتيال زميلنا الشهيد طارق ايوب وباقي المآسي التي انتجتها الة الاعلام الحربية في العواصم العربية وثورات الخراب العربي، فالقاعدة التي انتجتها الة الحرب الاعلامية عن تصديق الصورة او صدقها غيرت معادلة الاعلام التأثيرية وبقينا وحدنا في العالم العربي نتحدث عن امور تهم الطرفين وعن مقدمات والقاب للخبر تقتل القارئ وتقتل الذات العربية نفسها فنحن ما زلنا نصرف الالقاب والصفات ولا نمايز بين التقرير والتحليل ومقال الرأي والخبر وما زلنا اسرى العباءة التقليدية ونلبس البدلة الطليانية فوق الشروال العثماني جسدا وعقلا .
المهارة الغربية والصهيونية في استثمار الكلمة والصورة والوسائط وتفوقهم الطاغي علينا ليس مردّه ضعف بنيتنا الاعلامية او كفاءة الاعلاميين الاردنيين والعرب بل ارادة الاعلام وطبيعة الوظيفة، فنحن نحتاج الى الاعلام لتجميل الهزيمة وتبريرها وتحويلها الى نصر مؤزر لمجرد، وهم يستخدمون الاعلام لاعلان النصر وترويج القوة الطاغية، فمسؤولهم لا يخشى مواجهة الكاميرا بل يركض اليها ركضا، فجعبته مملوءة بالاخبار الحاسمة، في حين ان مسؤولنا يهرب من الكاميرا ومعه كل الحق فهو اما غائب عن المعلومة واما مطلوب منه تزييف الصورة او تجميلها قدر المستطاع .
أظن لست آثما او مرتابا في ظني، ان عطاء المسؤولية الاعلامية يجب احالته على صالونات التجميل فهي الاقدر على القيام بالمهمة في اوطاننا، فهم يستطيعون تلبيس البوصة كي تصبح عروسة، ويقدرون على منح القباحة ملمح الجمال بكثرة المساحيق حد تشكيل طبقة جلدية جديدة فوق الطبقة الاصيلة، وقادرون على اضافة اكسسوار يليق بالوان المساحيق، اما الاعلام المحترف والاعلام المبني على معلومة فهو غير موجود بدليل ان مسؤولينا يعقدون مؤتمراتهم بعد انتهاء الازمة وامتلاء السوق الشعبي والرسمي بالروايات القادمة من العدو ومن الخيال فتكون الرواية باهتة وفي غير اوانها والله لن يطعمنا الحج والناس عائدة لان المواقيت هي اصل الاعلام .
في بلادنا اصدق الصفحات صفحات النعي، بل ان التحقق الوحيد المطلوب هو لنشر النعي لذلك يصدقها الناس ويتجهزون لتقديم الواجب وثمة من يقرأ الصحف من صفحات النعي فقط، وتلي صفحات النعي حضورا وتأثيرا صفحات وبرامج الشعوذة والمطبخ، فنحن مجتمع يبلع ولا يهضم ويسمع ولا يدقق وينسى بأسرع مما تقتضي الحاجة ولذلك لا نتعلم ونكرر الاخطاء نفسها حتى اصبحت البلادة علامتنا المميزة .
gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة