لا يمكن التصديق أن ما يجري حولنا صدفة أو فوضى، ففي هذا العالم دول ومراكز قوى تحاول وتعمل على إعادة بعثرة الجغرافيا والسكان والدول والقناعات خدمةً لمصالحها، وأحياناً يكون التفكيك والفوضى هما الهدف، ولهذا نجد مسارات بطيئة لإزالة الفوضى ونعتقد أنها ضعف قدرات، لكنها في الحقيقة وقائع تتم صناعتها وتصبح جزءاً من معادلات المنطقة وقضاياها.
إسرائيل الطرف الحاضر الغائب في كل ما يجري، كانت وحدها عنوان التطرف والإجرام، وكان إصرارها على الذهاب نحو دولة يهودية (نقية!!) من قوميات وأديان أخرى جزءاً رئيساً من مسارها السياسي التفاوضي، وكان القبول بهذه الفكرة من حلفاء إسرائيل يتم على استحياء، لأنها فكرة تعني إعطاء الصراع بعداً دينياً وليس سياسياً، وتحول إسرائيل إلى تجمع يهودي وليس إلى دولة ديمقراطية كما كانت تدعي.
لكننا اليوم نرى في منطقتنا إرهاباً وتطرفاً من داخل إطار الأمة الإسلامية، وكانت العراق هي (المختبر) والساحة التي تمت فيها ممارسة تطرف شيعي منظم مدعوم من إيران بل هو جزء من مخالبها في الإقليم، تطرف على شكل ميليشيات مسلحة مارست بحق (السنة العرب) الكثير من الأفعال التي أصبحت نتائجها عاملاً مؤثراً حتى في المعادلة السياسية، وأنتجت ردود فعل لدى السنة العرب على شكل إحتجاجات ومواقف.
وعلى نفس الساحة كان إنتاج نموذج التطرف السني من خلال تنظيمات التطرف مثل القاعدة وداعش التي كانت عند إنشائها تحمل اسم (داع) لأنها كانت في العراق فقط، وبسبب وجود الإحتلال الأمريكي ثم تطرف ميليشيات إيران وجدت القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية من ينحاز لها في مناطق السنة العرب، ليس إيماناً بفكرها بل ردة فعل وبحثاً عن حماية وبخاصة أن الجيش العراقي تم حله وتمت إعادة بنائه على أسس المحاصصة والطائفية التي بنيت عليها المؤسسات السياسية.
ورغم أن للتطرف ثلاثة أضلاع إلا أن المستفيد هو تطرف الدول وبخاصة الدولة التي لم تدخل أي معركة وهي إسرائيل، ومفهوم الدولة الدينية لم يسجل على إسرائيل بل أصبح إنتاجاً من الأمة الإسلامية حيث «الدولة الإسلامية» في العراق والشام، والغريب أن يطلق تنظيم على نفسه اسم دولة، والدولة الأخرى إيران التي تحمل مشروعاً فارسياً قومياً لكنها تستعمل التعصب الشيعي لتصنع لها مخالب عربية في دول المنطقة.
وإذا كان إرهاب كيان الإحتلال يقتل العرب، وهو كيان عدو من غير أبناء جلدتنا وديننا، فإن إرهاب ميليشيات داعش والقاعدة (مسلم!!) يقتل عربا ومسلمين، ويبعث القلق في المكون المسيحي العربي وإرهاب ميليشيات إيران عرب يقتلون أبناء وطنهم، وعندما يقتلك من هو (أخوك) ويستبيح أمنك وحياتك فإن إرهاب العدو الصهيوني يصبح أقل تأثيراً لأنه يأتيك من عدو.
والمؤسف أن الإرهاب الذي تم دعمه لشيطنة العرب والسنة إرهاب تم صناعته وتوجيهه من أطراف الإرهاب الأخرى، ومن مصلحة الكبار أن تبقى داعش وأمثالها، فقد تضعف أو تختفي مرحلياً، لكن بقاءها وعودتها بعد حين ولو بأسماء جديدة ضرورة لخدمة أنواع الإرهاب الآخرى.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو