الإثنين 2024-12-16 09:46 ص

.. مزارعون ورعيان ومواسم خير!

01:45 م

كان الأردنيون فلاحين ورعيان وتجار، وكانت علاقة الناس بالمطر ومواسمه.. وكان على الدولة أن توفر أمناً محدوداً للتجارة لكي تكتمل دورة الحياة!!.

حين أسسنا الدولة، عام 1921 بروح وعبقرية المؤسس الشهيد، بدأت المدن تكبر في حياة الأردن، معان العاصمة الأولى، والسلط العاصمة الثانية.. ثم عمان العاصمة الدائمة.. ولم يكن الفلاحون والرعيان مادة أولية في صناعة المدن فجاء أولاً الشوام، ثم تحرّك نوابلسة السلط فنقلوا تجارتهم المتواضعة إلى تجارة أكثر تعقيداً.. وصار الفلاحيون والرعيان يهتمون، بعد المطر ومواسمه بتجارة القمح والسمن والثياب وحياة البيوت الحجرية الجميلة. فالكل يتذكر شركة «ستيل وعوض وشاحناتها الضخمة التي كانت تنقل القمح إلى فلسطين. وكلنا يتذكر تجار الزيت القادم من نابلس.. وكلنا يتذكر «بور حيفا» حيث كان الحوارنة في سنوات الشح يهاجرون ليقوموا بالأعمال البسيطة التي يتقنونها!!.
كل هذا يخطر في البال ونحن نتابع موجات الخير المتدفق في هذه الامطار الغزيرة، ثم نسمع في البرنامج الصباحي في التلفزيون-وهو ما يزال الانجح-من يقول: بلدنا بخير، طالما ان السماء تغيثنا، وطالما ان عبدالله الثاني يسعى في مناكبها، ولا يهمنا بعد هذا رضى او غضب احد.
هذه البساطة الشعبية العميقة، لا يفهمها المنشغلون بالحراك والعراك والذين يرون وطنهم من خرم ما يجري حولنا وكان مصيرنا مرتبط بالفوضى والخراب والدم في حين ان وطننا بخير المطر زين والارض غلال والقيادة في اعلى المراتب قوة وحكمة وولاء.
أمس والناس يتحسبون لما يمكن ان يجري في غزة بعد انطلاق كل هذه الصواريخ وبعد التهديد الاسرائيلي باعادة احتلال غزة طلع علينا المجاهدون بالقول: انهم يلتزمون «بالتهدئة» بعد تدخل مصر صاحبة التهدئة القديمة ايام مرسي وصديقه العزيز شمعون بيريز.
والكلام يصبح اخطر من مجرد الالتزام «بالتهدئة» فالمسؤول الاسرائيلي ينفي علمه بها، والمسؤول في مصر يقول: إن مثل هذا الموضوع مرتبط بالاستخبارات العسكرية والاستخبارات لا تقول شيئاً!!
والعارفون بالامر يقولون: ان صواريخ الجهاد التي لم يتفق احد على عددها تسعون او اثنان واربعون, لم يكن المقصود منها الرد على اسرائيل وقنصها المستمر لقيادات الجهاد, وانما هو «جر رجل» الايرانيين وتنبيههم الى ان في غزة اناس غير حماس التي خرّبت علاقاتها بدمشق وطهران. وان المجاهدون يستحقون العون!!
والعارفون بالامر يقولون: ان لدى اسرائيل تفاصيل الكلام. وهي مستعدة لتلقي مثل هذه الصواريخ ومستعدة «للتهدئة» الدائمة, طالما ان هناك من يحارب حماس, ويضعفها.. وهو الدور الذي قامت به حماس لضرب فتح والسلطة الوطنية. وحتى لا نبقى ضمن الدائرة الصغيرة فقد كانت دمشق وراء انقسام الجبهة الشعبية-القيادة العامة عن العمل الفلسطيني. وكان القذافي يموّل, مثلما كانت دمشق وليبيا وطهران وراء انقسام فتح-الانتفاضة على فتح الام.
بدأنا بخير بلدنا، وانتهينا إلى ما يجري في غزة، وأغلب الظن أن كل هذه المناحات على القاضي زعيتر لا علاقة لها بالرجل الذي استشهد، ودفن في وطنه وبين أهله، وإنما هو بعض التخريب في الجسم الأردني بداية من احراج الحكومة بإلغاء معاهدة السلام، وطرد سفير غير موجود،.. وفي النهاية إطلاق الصواريخ على إسرائيل!!.
أهذا هو المطلوب فعلاً؟!.. أيعتقد الاخوان أن إذلال الحكومة بهذا الشكل هو ضغوط على إسرائيل؟!.
.. ما تزال أمطار الخير تتهاطل على الأردن، والموسم جيد، وها نحن نصدّر من الخضار والفواكه مليار دينار.. ومليار مثلها أدوية ومستحضرات طبية.. ومثلها بوتاس وفوسفات وكيماويات. وما تزال قيادتنا في أرفع درجات الحكمة والقوة والثبات.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة