الأربعاء 2025-03-05 23:33 م

مشرد ينام وحيدا جائعا في غرفة نفايات بلا شبابيك ولا أبواب

07:10 ص

الوكيل - كتب ماهر أبو طير : هذه المرة تأخذنا «سلسلة حكايات لا يعرفها احد» الى حالة مأساوية من الحالات التي يصح اعتبارها من حالات «قهر الرجال» ،حالة مأساوية وصعبة جدا،لانسان تشرد جراء البطالة والجوع والفقر،وعدم وجود اهل يسألون عنه،حالة لا تصدقون وجودها، في غرفة محترقة، وبلا شبابيك وبلا ابواب، مفتوحة ليلا ونهارا،لسراق الليل،وللحشرات والكلاب الضالة ربما، وهذه قصة صعبة جدا وحلها ليس صعبا،لان الرجل الذي يعيش مشردا متسخا مريضا فقيرا،يريد فقط وظيفة حتى يعيش منها،واذ بحث كثيرا،فلم يجد،مما اضطره الى النوم في هذه الغرفة،لعدم قدرته على دفع الايجار، واضطره ايضا الى النبش في الحاويات حتى يأكل الخبز الناشف والقذر،وحتى يجد بقايا الطعام التي تم رميها في الحاويات، قصة انسان تأتيكم قبيل ساعات من ليلة القدر بأذن الله،حين ترفعون ايديكم الى الله،لتدعوه فلا تكون ايديكم فارغة،من عمل الخير،وحين ترفعون ايديكم لتدعوه،وحولنا وحوالينا فقراء وايتام مساكين ومشردون واناس ينامون في الكهوف والخيم وبيوت الصفيح،اناس لا يجدون رغيف الخبز،فلا تكون لي ولا لكم ليلة قدر،اذا لم نسمع انين هؤلاء،ولم نستجب لحاجاتهم في المدن والقرى والبوادي والمخيمات،كل اهلنا، حين يوحدهم الفقر، قبل اي شيء اخر، وحين لا ينقسم الناس فعليا على اساس المنابت والاصول، بقدر انقسامهم على اساس الغنى والفقر.



صعودا الى غرفة المشرد الفقير



قبيل الوصول الى صويلح قادما من طريق البقعة عمان،وعلى ميمنة الطريق، وقبيل دوار صويلح بثلاثة كيلو مترات تقريبا،نرى غرفة واضحة على يمين الطريق عند سفح الجبل،والغرفة بلا شبابيك ولا ابواب،وتظهر عليها اثار حريق،واذ نوقف سيارتنا لنصل الى الحالة،نصعد الجبل لمسافة قليلة،بضعة مترات،قبل ان نصل الى باب الغرفة،وحولها وحواليها، قاذورات واوساخ وذباب وبقايا طعام مجموعة من الحاويات،واكياس قذرة،وكأنك في مكب نفايات،فلا تعرف كيف وصل من في الغرفة الى هذه الحالة.

دخلنا الى الغرفة، والمشهد مريع اكثر، فالقاذورات في كل زاوية،طعام فاسد،خبز عفن،مياه قذرة للشرب،اوساخ على الارض،ذباب وحشرات نمل تزحف في كل زاوية،ورجل ينام تحت لحاف قذر،وفراش اسود متسخ لا تنام عليه الحيوانات،والرجل ينام وسط هذه الغرفة القذرة، فتطلب منه ان يصحو، فيصحو بتثاقل غريب،واذ يبدأ برواية حكاية تدمع عيناه الما،فهو شاب في الثلاثينات، ابتعد عن اهله بسبب ظلم الحقوه به قبل عقدين،في قصة عادية،لا تستحق الظلم،ومنذ ذلك الوقت يعيش وحيدا،وقد عمل في ورش بناء وفي مطاعم بوظيفة كاشير، حتى فقد عمله قبل عامين تقريبا،ومنذ ذلك الوقت يبحث عن عمل بلا فائدة،فلا وظائف في البلد، مما اضطره للتشرد،وان تصل اموره الى هذه المرحلة المأساوية اذ ينام في غرفة ليست له،غرفة قذرة وماساوية، حتى لا يدفع ايجارا لها، ويعتاش من جمع النفايات ليخرج منها طعامه، واحيانا يجمع علب المشروبات الغازية، واياما كثيرة ينام في الغرفة ولا يخرج طوال اليوم،لانه لا عمل له،فتشتد به الالام والاوجاع النفسية والجسدية، وكل مايريده في الحياة وظيفة يعتاش منها، ويقدر بسببها ان يستأجر غرفة نظيفة ويشتري فراشا نظيفا ويعيش مثل البشر،فأوضاعه لم تسمح له بتكوين اسرة ولا الزواج، ووالده ووالدته توفيا منذ سنين،ويقول ان اخويه هاجرا الى بلدين اسيوي وعربي،واخواته يعشن خارج البلد، فهو وحيد فقير مشرد لا يجد قوت يومه،ولا مصروف جيبه،الا اذا تصدق عليه احد،ويشير الى وجبة الارز التي حلت بها الاوساخ،اذ اخذها من متبرع،وبقيت عنده ثلاثة ايام يأكل منها،حتى نشف الارز،وبرغم ذلك نقعه في الماء بسبب شدة الفقر والحرمان.

عنوان التائه المحروم



قمت بأيداع رقم هاتف خلوي مع الرجل، برغم انه لا يعرف استعمال الموبايل بطريقة جيدة،ولان لاشحن كهربائيا عنده لشحن الهاتف، فلا تستغربوا لو حاولتم الاتصال به ووجدتم الهاتف الذي اعطيناه اياه مغلقا وهو(0796144610) والافضل ان يتم الذهاب اليه مباشرة،والعنوان سهل جدا،اذ بأمكانكم الذهاب الى دوار صويلح والنزول باتجاه البقعة والالتفاف عودة الى صويلح، بعد عدة كيلومترات،وعند الصعود باتجاه صويلح وقبيل الوصول بثلاثة كيلو مترات تقريبا،ستلاحظون وجود غرفة عند ميمنة الطريق في سفح الجبل،وصورتها منشورة مع هذا التحقيق، والرجل لا يريد جمع الصدقات،وان كان محتاجا اليها،بل يريد من يوفر له وظيفة،ومن يوفر له غرفة للسكن والحياة،والذي يرى الرجل يعرف انه ليس من الذين يدمنون مثلا على الكحول حتى لا يقال انه مشرد مدمن،وليس مريضا عقليا حتى لا يتم اتهامه في عقله،والذي يرى الرجل ايضا يكتشف حجم المأساة التي تراها على وجهه وفراشه ولباسه وجسده،اتساخ في اتساخ،وانسان يغرق في كومة من النفايات والقاذورات،لان لا حل لديه،ولا قدرة مالية للانتقال الى غرفة على حسابه،فمن اين له المال في هذا الزمن الصعب، والصحيفة لا تتلقى لا هي ولا اي صحفي فيها ولا موظف،اي مبلغ مالي او مساعدة مالية من اجل ايصالها الى هذا الرجل،نيابة عن المتبرع، ولا عن اي حالة منشورة، ولا عن اي حالة انسانية لم يتم نشر قصتها ايضا من الاف العائلات الموجود في البلد،فالصحيفة لا تتلقى التبرعات،ولا تتدخل في المجال المالي اطلاقا،ولا تحت اي تبرير،وينحصر دورنا فقط بالوصول الى الحالات ونشر مأساتها،مع عنوانها لتقوم العلاقة مباشرة بين المهتم والمحتاج،وهي دعوة لكم في هذا اليوم،حيث ليلة القدر بأذن الله ان تتذكروا اهليكم واخوانكم وارحامكم وجيرانكم،والفقراء والمساكين والايتام والمحتاجين في كل مكان في المملكة،ربما مسرة تدخلها على بيت في هذه الليلة بالتحديد تمحو ذنوبك،وتفك كربك،وتشفي ابنك او ابنتك،وتسدد دينك،وترفع ظلما لحق بك،وتجعلك من اولئك المقربين في مقعد صدق عند مليك مقتدر،وتجعلك من السالمين حقا،لسان حالك يقول»اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب» فتكون صدقتك شفاء لك من كل العلل وتحقيقا لكل رغباتك بسر رحمة الله.

الدستور



gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة