الأحد 2024-11-24 14:58 م

مصفوفة الفقر المرعبة

10:23 ص

لا یوجد لدینا أرقام دقیقة حول أعداد أرباب الأسر الذین عانوا من الدیون بمختلف مصادرھا، ودخلوا السجون نتیجة ظروفھم الاقتصادیة خلال السنوات الأخیرة أو انھم ما یزالون مھددین بالمحاكم سواء دیون البنوك التي لا تحتمل التأجیل أو دیون الشركات والتجار أو دیون الافراد، یكفي أن نتذكر مشكلة الغارمات التي تفاقمت خلال العام الماضي، وقیل الكثیر عن ظروف عشرات الآلاف من النساء اللواتي دفعتھن ظروفھن القاسیة إلى استدانة قروض صغیرة اوصلتھن في نھایة المطاف إلى السجون، فما بالنا بالرجال الذین یشكلون الاغلبیة المطلقة من ارباب الأسر في المجتمع الأردني .



الأسبوع الماضي نشر الزمیل حابس العدوان تقریرا في ”الغد“ جاء فیھ ان عدد الحالات الجدیدة التي جرى تخصیص معونات متكررة لھا من صندوق المعونة الوطنیة في لواء دیر علا بالاغوار الوسطى منذ 2015 زاد على 700 حالة، معظمھا بسبب سجن رب العائلة.


ھذا الارتفاع یأتي تزامنا مع التراجع الكبیر الذي شھده القطاع الزراعي في وادي الأردن جعل صغار المزارعین ھناك الاكثر معاناة، فیما ارتفعت اعداد الذین دخلوا السجون نتیجة عدم القدرة على الوفاء بدیونھم.


 حسب الارقام الرسمیة ”تجاوز عدد المزارعین المطلوبین قضائیا على خلفیة دیون 20 الف مزارع، وما یزید على 6 الاف قضیة لدى دائرة الاجراء، وما یزال المئات منھم خلف القضبان وآخرون تشردوا خوفا من القبض علیھم“ فیما ذھبت دراسة أعدتھا الاتحادات والنقابات والجمعیات الزراعیة إلى أن أكثر من 40 % من المزارعین مطلوبون للتنفیذ القضائي“، وبینت الدراسة أن الكثیر من المزارعین تركوا أراضیھم بلا زراعة، بموازاة تسریح العدید من الموظفین في القطاعات التي لھا صلة بالمزارعین مثل مصانع البلاستیك والعبوات الزراعیة.  


وحسب رئیس اتحاد مزارعي الاغوار عدنان خدام ”ھناك 20 ألف بیت بلاستیكي ضمن زراعات التعاقدات التي تصدر إلى مختلف دول أوروبا الشرقیة مھددة بالتوقف، بسبب توقف وتباطؤ شحن الخضار والفواكھ بالترانزیت إلى دول أوروبا الشرقیة وإغلاق المنافذ الحدودیة السوریة.

 

نحن لسنا فرحین باتساع مظلة صندوق المعونة الوطنیة حیث تشیر الارقام الرسمیة انھا باتت تغطي نحو 100 ألف أسرة أردنیة في نھایة العام 2018 اي نحو 8 % من السكان؛ وھم عادة من الأسر الأشد فقرا ومن الفئات الأكثر ھشاشة في المجتمع مثل الارامل والایتام، ولا یشكلون إلا جزءا من الفقراء. 

 

الضغط الھائل على الفقراء الرجال والشباب، لا یذھب بھم إلى السجون وحسب، بل یتجاوز ذلك الى مصفوفة مرعبة من التدھور في مجالات متعددة، في المجتمعات المحلیة یشكل الاضطھاد الاقتصادي المتمثل في غیاب العدالة وتواضع الفرص وانتشار البطالة وظلم الأجور وتحدیدا ما یواجھ الرجال في مجتمعات ذكوریة اقسى من اي شكل من اشكال الظلم الاخرى.


حسب التعداد السكاني الاخیر (2015 (كان احد المؤشرات الصادمة التي لم تأخذ حقھا من الاھتمام ھو حجم التركیز السكاني في العاصمة الذي اقترب من نصف سكان المملكة، لم تعد عشرات المدن الأردنیة الصغیرة ومئات البلدات والقرى الممتدة على طول البلاد وعرضھا مولدة للحیاة في ابسط ملامحھا، لا فرص ولا مستقبل ولا بنى تحتیة حقیقیة ولا طرق آمنة في الوصول الیھا، ما یجعل الافق ضیقا اكثر، والخوف من المستقبل حالة عامة وسط الشباب الذي یجد نفسھ بین مثلث الھجرة او المخدارت أو الاحتجاج بالتطرف أو العنف، علینا الیوم ان نفكر جدیا بتغییر العدة والعتاد في تنمیة المجتمعات المحلیة في المحافظات وفي وادي الأردن فالاوضاع اعقد مما نتصور.

gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة