الخميس 2024-12-12 23:27 م

مُعارضات وأنظمة .. تحالف «نداء السودان» نموذجاً!

08:50 ص




السودان الذي لا يغيب عن الأضواء ويجد لنفسه «موقعاً» على أجندة اصحاب القرار الدولي, الذين يُكرِّسون وقتاً أطول هذه الأيام لمعالجة مشكلات «حلفائهم» من العرب على اختلاف خطابهم والدرجة التي عليها علاقاتهم مع أنظمة، تبدو في نظرهم آيلة للسقوط، او باتت عبئاً على مصالحهم، يصعب عليهم (الامبرياليون) ان يواصلوا دعمها او التكفل بحمايتها او حتى «مماشاتها» في رعونتها وطيشها وانعدام الخيال السياسي لدى قادتها ونخبها. نقول: في السودان ثمة محاولة (ربما لن تكون الأخيرة) من المعارضة لتوحيد صفوفها، بعد ان لم «يْوَقِّع» معظم بل الغالبية العظمى من أحزابها ومكوناتها, ما وُصف بـ «خريطة الطريق» فيما وقّعتها حكومة الخرطوم بشكل منفرد مع الوساطة الافريقية التي يقودها الرئيس الجنوب افريقي السابق ثابو امبيكي في اديس ابابا قبل شهر من الان (21/3) وأوجدت لنفسها (المعارضة السودانية) اطاراً سياسياً وتنظيمياً جديداً اطلقت عليه اسم «تحالف نداء السودان».


المعارضة السودانية التي تجد نفسها في وضع لا تحسد عليه, بعد أن اعلنت واشنطن وبروكسل (الاتحاد الاوروبي) كذلك الاتحاد الافريقي ودول اقليمية عديدة دعمها لخريطة الطريق وهي لهذا تقف في موقف دفاعي, لا تملك تفسيراً له سوى القول ان الخريطة العتيدة, «منحازة» للحكومة في الخرطوم, وهو امر يصعب بالفعل تقبّله على نحو كامل, اللهم الا اذا كان لدى المعارضة ما يسند منطقها, من الوثائق والمعطيات, عن ان ثمة «صفقة» بين داعمي الخريطة وحكومة الخرطوم تنهض على ملاحق «سِرّية» ليس اقلها مغادرة البشير السلطة تمهيداً لمرحلة انتقالية سياسية تطوي صفحة «ثورة الانقاذ» وتمنح الرئيس السوداني الذي يوشك على اكمال «27» عاماً في السلطة, عفواً من ملاحقة المحكمة الجنائية الدولية, الامر الذي يمكن الاتكاء عليه في تفسير اعلان البشير انه «لن» يُرشح نفسه للانتخابات الرئاسية المقبلة. وهي امور غير مؤكدة, سواء في الشكوك حول الاسباب التي تدعو واشنطن والاتحاد الاوروبي واتحادات وهيئات اقليمية ودولية لِدعم «خريطة الطريق», شكّل ويشكل مظلة حماية للبشير, ويتركه بعيداً عن استهدافات سياسية او دبلوماسية او اعلامية, ما يرمي – في الان ذاته – الكرة في ملعب المعارضة, التي تحاول استدراك الامور وعدم انزلاقها الى مرحلة تبدو فيها الخاسر الاكبر, وبخاصة اذا ما نفّذت القوى الدولية والاقليمية تهديداتها بفرض عقوبات على «المعارضة» وتحويل الملف الى مجلس الامن.

ليس اذاً امام المعارضة سوى خيارات محدودة, بل ليس امامها سوى «خياران» احلاهما مكلف ومُرّ, فاذا ما «اذعنت» وقبِلت التوقيع على الخريطة, فإنها ستكون امام فشل وهزيمة موصوفة يصعب عليها تفسيرها امام جمهورها والشعب السوداني الذي لم «يكفر» بها بعد, واذا ما واصلت «الرفض» و»تحدّت» داعمي الخريطة, فإنه لن يكون امامها سوى اللجوء الى الشارع واستنهاض الجمهور السوداني, والانخراط في مواجهة قد تكون دموية وقاسية مع النظام, على النحو المُفجع والكارثي الذي شهده السودان في ايلول عام 2013, عندما سقط مئات الاشخاص بين قتيل وجريح في المظاهرات العارمة التي واجهها النظام بالحديد والنار.

الى أين من هنا؟

ما يحدث وسيحدث في السودان, مجرد انموذج «صارخ» على الفشل المتمادي الذي سجّله النظام العربي الراهن على نفسه, ولكن في الان ذاته يكشف هشاشة المجتمعات العربية المفخخة والمحتقنة و»معارضاتها» المأزومة دائماً.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة