الخميس 2024-12-12 20:47 م

هذه الأجيال الأدبية!!

12:16 م

ليس ابلغ في تخسير موازين النقد من تصنيف الادباء اجيالاً بحسب العقود, فيقال مثلاً: جيل الخمسينيات وجيل الستينيات وجيل التسعينيات. وليس من سبب لذلك في اعتقادنا سوى الكسل العقلي والعجز عن ادراك السمات المميزة لأديب دون أديب ولتجربة ادبية دون أخرى.


اما الصراط السوي الذي يتنكّبه صغار النقاد وينهض بتكاليفه كبارهم فهو الوقوف المليّ المتدبر امام الاعمال الادبية وتوسم خصائصها وبيان ما تتفرد به في السياق الادبي العام, حتى اذا توافرت اسباب موضوعية لسلك بعضها في اطار نزعة بعينها فنية او فلسفية او اجتماعية, كان التصنيف على أسس من ذلك ولم ينظر فيه الى عقود السنين أو توزّع الاجيال عليها على نحو ما يغري به الكسل او يتثاءب القصور بدعواه.

***

يقول أحدهم: إنه اذا لم يكن للكاتب او الشاعر من ميزة الا انه قد اتفق له أن نشر اعماله في المدى البسيط ما بين أول السبعينيات من القرن وآخرها, وكان ذلك هو الملحظ الرئيس فيها, فأي معنى للنقد بعدئذ وأية فائدة للنقاد؟

***

دعونا, اذن, من هذا اللغو في الاجيال العشرية التي لا تقل في الضلالة عن «عصور الادب» التي تجعل من قيام الممالك والدول وانهيارها منعطفات حاسمة في تاريخ الادب وتعالوا ننظر في الفكر أو في الادب في سياقاتهما الطبيعية التي قد تمر بعصور السياسة فلا تحفل بها والتي لا يمكن ان يضبطها غير زمنها الخاص, والتي يصعب في الوقت نفسه ان تكون مفارق العقود صوى معتبرة او معالم ذات اهمية من أهمية درجة في مسالكها.

***

قال لصاحبه وهو يحاوره: أين تضع فلاناً في الشعراء؟

قال: اضعه في جيل الثمانينيات من القرن العشرين.

قال: هل هذه «طبقة» في الشعر على نحو ما جعل القدماء الشعراء طبقات, وهل تحمل هذه النسبة من معنى سوى اثبات الحركة في مدى محصور بين بداية الثمانينيات وخاتمتها؟

قال له صاحبه: ربما كان في ذلك اعتراف بوجود (س) أو (صاد) في العصر أو في مدة محدودة معلومة منه. وإن بعضهم ليرى انه حقق ذاته بمثل هذا الاعتراف.

قال: لا أحسب أن المبدع الحقيقي يأبه لهذا أو يعوّل عليه, والمسألة عندي منوطة بقصور أدوات النقد واضطراب موازينه, لا اكثر من ذلك ولا اقل.

قال له صاحبه: هذا اجمال قد نتفق عليه. ولكن في تفصيله ما يقفنا على انموذجات من خطل القائمين بدعوى الاجيال هذه, فهل الى ذلك من سبيل؟

قال: حسبنا الاشارة والالماع في ساعتنا هذه, فلعلهما ينبّهان الى واحد من مظاهر حياتنا الادبية المؤسفة, وكم فيها من دواع للأسف على ما يزعم الزاعمون من استوائها على سوقها, ومن وفرة الاجيال المتزاحمة في «سوقها»..


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة