زمان كنا نكتب عن قصص الناس الذين يتحدون مرضهم , ومصاعب العمر ويصعدون ذرى الحياة بكل اقتدار , لم أتوقع أن يأتيني يوم أجلس فيه بجانب إبن شقيقي (زيد) الذي سيدخل غرفة العمليات , كي يتبرع لوالده بكليته اليمنى ...وأن أكتب عنه , مثلما أكتب عن الأبطال ...وصناع التاريخ ,ورجالات الزمن الصعب .
في لحظة من العمر , المرض يقهر صاحبه ...والزمن يحمل لك من تعب الايام ما يحمل , وتمضي في مسالك العمر , تبحث عن بصيص أمل يجلو غبار الايام وما حملت من شقاء وبلوى ...
وأنت (زيد) ...إبن الـ (23) عاما ,وقد تخرجت للتو من الجامعة , والشباب الذين في عمرك ربما ينتظرون من الوالد هدية , لحظة إنهاء الجامعة ..ولكنك غيرت ساعة الايام وقررت في لحظة أن تهدي والدك قطعة من لحمك ....
يا زيد يلومونني حين أكتب عن الجنوب ورمل الكرك , ويقولون عني منحاز ...وكيف لا أنحاز لك , وأنت وريث أرض , يضج ترابها أنفة , حين يذكر إسم الله ويتذكر التراب (جدح حوافر) خيل جعفر حين مرت من مؤتة , مبشرة بأول دولة عربية إسلامية ...كان للجنوب شرف التبشير بسيوفها .
يا زيد , وأنت تخفض جناح الذل من الرحمة لأبيك , تذكر ..أنك من الذين يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ...تذكر , أنك من الذين يحترفون الفقر والصبر وحين يصعدون الهضبات , يمشون هونا ..لأن التراب هناك في جنوب الأردن , تعمد من وميض الشمس , ومن طهارة العظام التي ضمها ...وهذا يا بني إرثنا في الحياة أن نحترف كل صعب , وأن نلتحف كل إبتلاء ..وأن نداوي الصبر بصبرنا وأن نطوع الدمع حنونا حتى لايحرق جفنا أو خدا ...
فيا أيها العاشق , تدري أنهم يصفون الفارس في الجنوب (رداد الخيل) وأنت رددت عنا العاديات , ورددت للسراج زيتا ينيره , وكأن وميضه ...من وهج الخليل ..أو أن دمك يا طيب إنبعث زيتا في جسد أبيك وأنار له الحياة .
وأنت أيها الجراح , ترفق بالجسد الغض , والدم القاني إن سال منه ...فاتركه يسير في درب مستقيم , لا تمسح الدم ...ذاك أن المدى يشتاق في لحظة لطهر من يقدمون النفس رخيصة وفاء للأرحام وللاباء ...وتذكر أيها الجراح النخل حيت ينبت في ارض عربية ...هل شاهدت نخلا ينمو محدودبا أو مائلا ؟ إن الله وضع في النخل ميزة النمو المستقيم ...ونحن دمنا ..حتى الدم حين يسيل يكون نخلا ..جذوره الكرك وتمره من وريد القلب ...
ترفق أيها الجراح , فالفتى مازال غض العود مثل الريحان ...لكن لحمه هو الذي يجرح سكينك ...ترفق بزيد...
أما أنا , فاترك لي بعضا من الصبر وبعضا من الدمع وبعضا من الحروف علها تجلو عن النفس , غبار اللحظة , وتعب العمر ..واترك لي يا سيدي الجراح أن أقرأ من كتاب الله لزيد ...:- ( ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة)
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو