الخميس 2024-12-12 15:50 م

يوم العاصفة والأمل!

09:03 ص

مات الملك
عاش الملك.
وبهذه الاستمرارية الحيّة، والانتقال الطبيعي للسلطة، جعلت الملكية الاردنية من هذا البلد حالة مميزة للحكم، وللتقدم الديمقراطي، ولحياة عامة رشيدة ومزدهرة.

من الصعب، ولعله ليس من المستحب ابتداع فروق بين حكم الحسين وحكم عبدالله الثاني، فاذا فهمنا ان الشعب الاردني هو اساس المعادلة، فان مثل هذه الفروق غير واردة.. فالحسين ورث عن جدّه المؤسس عدداً محدوداً من رؤساء الوزارة والوزراء، وبقي الى نصف عهده الميمون يعتمد عليهم.
وحين وصل وصفي التل الى رئاسة الوزراء.. كان في الحقيقة اول رئيس من خارج النادي، وأول معالم التغيير المنسجم مع الارادة الوطنية في بناء دولة الاردن من خارج التقليد الثوري الديكتاتوري العسكري الذي اجتاح الوطن.. باسم الوحدة والحرية والاشتراكية..
اخذنا مفصل الرئيس التل، لأن تجربة سليمان النابلسي لم تكتمل، وخذله حلفاؤه في الداخل والخارج، وسليمان باشا كهزاع باشا، لم يكونا جديدين على المسرح السياسي الاردني، وتوليا الرئاسة لفترة محدودة مع انهما من نوعية عظيمة في تكوينهما الشخصي وولاءاتهما الرفيعة وفي سلوكهما السياسي!!.
مات الملك
عاش الملك!
هي القناعة الاردنية الشعبية، بنوعية التغيرات في الحكم، فالملك هو العنوان لوحدة السلطات الدستورية، ووحدة الوطن بقبائله، وطوائفه، ومنابته، واصوله.. وهذا ما نعرّفه بالدولة المدنية، وبمقياس المواطنة الحقّة التي لا تختلف حولها الجماعات والأفراد.. فالملك للجميع، والوطن للجميع.
وحين طرح عبدالله الثاني شعار: الاردن اولا، فهمه اصحاب النفوس المريضة بأنه وضع اولويات بين الاردن والوحدة العربية، وكان الملك العظيم يريد ان نفهم (وقد فهمنا) ان الولاء للوطن الاردني يأتي قبل الولاء للعشيرة، وللاقليم، وللطبقات.
.. وهذه هي الدولة المدنية!!.
وحين طرح شعار كلنا الاردن, كان يؤصل هذا الولاء بحدود الدولة الاردنية, وبمعايير الشراكة بين الجماعات والافراد. لم يقل الاردن لجميعنا لأن ذلك يعني أو يمكن أن يعني اقتسامنا له فيما يعرف بالمحاصصة التي تطيح بالديمقراطية في لبنان, وباعادة تشكيل الدولة في العراق بعد أن حلها بريمر, واعتبر الكثيرون ان هذه المحاصصة تعني المساواة, أو تعني الاكثرية العددية للطوائف والمذاهب والعنصريات!!
إن خمسة عشر عاماً من حكم عبدالله الثاني هي بداية الطريق ليس إلا. فأمامنا سنوات طويلة قادمة لانجاز اكثر, ولازدهار أغنى, ولمجد وثيق الصلة بالشعب الحامل همّ المستقبل. في وسط نشهد فيه عذابات حاضر مليء بالدم والقتل والجوع والتشرد من حولنا.
كما سنحتفل اكثر بعيد تولي السلطات الدستورية لعبدالله الثاني, لو أن اليوم غير مرتبط بالضرورة بيوم الفجيعة برحيل الحسين. لكنها الحياة وسنّة التغيير. والحمد لله دائماً وابداً.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة