الأحد 2024-12-15 10:57 ص

CNN : لا عيد لـ لاجئي السايبر سيتي

11:00 ص

الوكيل - لم تستطع أم سمير الفلسطينية (40 عاما) القادمة من سوريا، أن تحبس دموعها بمجرد سؤالها عن التحضيرات التي أعدتها العائلة لاستقبال عيد الفطر، رغم ما أبدته من قبول للأوضاع التي آلت إليها هي وأقل من 500 لاجئ يقطنون اليوم في مجمّع 'سايبر ستي' شمال الأردن والمخصص للاجئي سوريا، والمحاط بتعتيم رسمي نسبيا.


وخلال جولة لـCNN بالعربية في المجمع الذي لم تزره سوى وسائل إعلام معدودة منذ بدء استقباله اللاجئين مع بداية الثورة السورية في 2011، تظهر معاناتهم في السكن الذي تشرف عليه عدة جهات دولية، على مستوى ظروف الاحتجاز، رغم التحسن الملموس الذي طرأ على المكان والخدمات، بحسب اللاجئين.

تقول أم سمير إنها لم تتمكن من منع حملها بتوأم، في الوقت الذي لديها من الأولاد أربعة وثلاثة من الفتيات، قائلة إن العيش في 'سايبر ستي' أفضل من غيره من المخيمات، وأن المعونات الغذائية والخيرية لا تنقطع في رمضان.

وأضافت مازحة: 'هذا من الهنا اللي إحنا فيه.'

لكن بشاشة أم سمير التي استقبلتنا في مطبخها المشترك مع عائلات أخرى، وأصرت على دعوتنا لإفطار 'منسف مع الدجاج البروستد'، سرعان ما تغيرت عندما سئلت عما أعدته لعيد الفطر، وما إذا كانت هناك فرحة ما ينتظرها الأطفال من اللاجئين، حيث اكتفت بالقول:' لا ...' واجهشت بالبكاء.

حال أم سمير يشابه كل العائلات القاطنة في السايبر، حيث تشكل العائلات الفلسطينية من حملة الوثائق السورية ما نسبته 40 في المائة من السكان، بحسب مصادر إغاثية في المجمع، فيما يبلغ عدد الأطفال فيه 270 من بينهم 160 في عمر المرحلة التعليمية المدرسية.

إجراءات التكفيل الموقوفة منذ أشهر على اللاجئين السوريين، غير مسموحة على الفلسطينيين، الذين أكدت السلطات الرسمية مرارا في تصريحات سابقة، منع دخولهم الأراضي الأردنية لخصوصية وضعهم السياسي، حيث اعتبرت الحكومة الأردنية أنهم من مسؤولية وكالة الاونروا.
ويتطابق ما أشار إليه العميد وضاح الحمود، مدير شؤون المخيمات للشبكة، مع تأكيدات اللاجئين، بالسماح لهم بالخروج بزيارات دورية إلى أقاربهم خارج المجمع، بخلاف ما كان مطبقا في وقت سابق.

ويضيف الحمود:' لم تكن التعليمات السابقة تمنع الخروج، لكنها اليوم أصبحت مقننة ...أما العدد فوصل هذه الأيام إلى 486 لاجئا مرشحا للتغيير.'

ويتكون مجمع 'السايبر ستي' من ستة طوابق، حيث خضع للصيانة بعدما كان مهجورا لمدة 8 سنوات، وفقا لمسؤولين، فيما لا يزال مستوى النظافة داخله متدنيا، رغم إشراف لجان داخل السكن على تنظيف الحمامات والمطابخ المشتركة.

وتبدو آثار الأوساخ والصدأ على جدران 'المجمّع' واضحة، وعلى الممرات وفي غرف المعيشة التي تسترها ' قطع من القماش'، رغم التعايش الودي بين السكان الذين ينتمي معظمهم إلى عائلات تربطهم صلات قرابة.

أما الساحات الخارجية فقدت بدت نظيفة، وهي تضم مصلى ومنطقة لألعاب الأطفال وصالة للتنس جهزت حديثا.

لكن أبو محمد، اللاجئ الفلسطيني القادم من دمشق، وأصله من بلدة صفد، أكد أن 'الصراصير' منتشرة في المجمع، إضافة إلى مرض جلدي يقول الأطباء إنه 'الجرب'.

ولم تنجح محاولات المنظمات في القضاء على المرض الجلدي، الذي يعتقد أبو محمد إنه ليس 'جربا'، قائلا إن أكثر من نصف سكان المجمع يعانون منه، وكذلك الحال بالنسبة له ولأولاده.

ويختلف أبو محمد ، مع من يقول إن هناك تسهيلات في الخروج، قائلا:' هناك سماح بالخروج في زيارات، لكنها تتم بصعوبة وإذلال ولمدة 48 ساعة فقط'.

ويرى أبو محمد أنه يعيش في سجن كبير، رغم ما توفره المنظمات من معونات مالية، فهناك كوبونات شهرية لكل فرد من العائلة، بقيمة 24 دينار أردني من برنامج الأغذية العالمي WFP، مؤكدا أن الفلسطينيين لا يتلقون معونات من المفوضية، ولا من الاونروا.

ويحمل نحو 15 من أرباب الأسر في المجمع، بطاقات أردنية بأرقام وطنية، كما هو حال أحدهم، ويدعى أبو مروان، الذي أبرز هويته لنا، ويحمل أيضا وثائق خدمة العلم في الاردن، ويعتبر قانونيا ودستوريا أردني، إلا أنه لم يسمح له بالمغادرة لأسباب قيل له إنه أمنية.

إلى ذلك، يروي أطفال المجمع قصصا وروايات أشبه 'بالخيال'، حيث تقول الطفلة غنى بركات ( 12 عاما) إنها متواجدة مع عائلتها منذ عام في المجمع، وأن شقيقتها الصغرى ذات السنوات الخمسة ضاعت في سوريا، وبقيت هناك مع أحد الأقارب.

وتضيف:' في شي ناقصنا مع إنه فيه رفقات ..أحيانا بنروح على السوق.. لكن ما عنا حد.. مخنوقين.'

حديث الأطفال بعفوية كشف عن وجود مشكلات اجتماعية مستمرة بين أطفال المجمع من جهة ورجال الأمن من جهة أخرى، بحسب قولها، وعن انتشار أمراض عديدة.

وأما بالنسبة للعيد، فالأطفال لم يتذكروا قدومه رغم شراء بعضهم لملابس جديدة.

وتقول ملاك:' ما بنستنا العيد لأنه تعودنا.. وأنا بحب العيد بس لما يجي العيد بنحسه شؤم علينا.. إحنا بسجن مؤبد ... ما عنا مستقبل إزا ما رجعنا على سوريا.'

وتسعى جهات عاملة في المجمع إلى توسعته لتخصيص محل إقامة للعازبين، فيما كان المجمع للعمال الوافدين من آسيا، العاملين في المناطق الصناعية بشمال البلاد.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة