أعود مجددا إلى رسالة جلالة الملك لمدير المخابرات العامة اللواء أحمد حسني، التي أثارت عاصفة من النقاش الوطني المحترم، وثمة أفكار وتعليقات تحفز على مزيد من الحوار، خاصة ما صدر عن شخصيات وتيارات محسوبة على المعارضة السياسية الأردنية.اضافة اعلان
من السذاجة الاعتقاد بأن الرسالة جاءت من موقع الضعف، أو الرغبة في استباق ضغوط خارجية بخطوات إصلاحية. الرسالة الملكية تنم عن شعور بالقوة والثقة بالنفس وبمؤسسات الدولة وقدرتها على تحمل مسؤولياتها بعد أن اختبرت إمكانياتها مع الممارسة والخبرة.
لقد سادت مثل هذه الانطباعات إبان سنوات الربيع العربي، فكان البعض في صفوف المعارضة ينظر إلى خطوات الدولة في مجالات الاصلاح الدستوري والسياسي على أنها تنازلات يتم تحصيلها تحت الضغط.
هذه التفسيرات هي التي ألقت ظلالا من الشك في أوساط الدولة، واعتبرتها مؤشرا قويا على النوايا المبيتة لدى قوى تسعى لكسر الدولة والانقضاض عليها، بوصفها لعملية الإصلاح على أنها مكاسرة لا بد فيها من منتصر وخاسر.
يعلم الجميع ما حصل بعد ذلك، فقد خسر الأردن فرصا ثمينة للتقدم خطوات أبعد على مسار تطوير النموذج الديمقراطي الأردني، بما يتطلب من شروط توافقية وواقعية، تضمن الاستقرار، وتجنبا لخيارات كارثية انتهت إليها نماذج الربيع العربي في أكثر من دولة.
في الأردن تحديدا لا يمكن لطرف مهما بلغ شأنه أن يكسر الدولة، أو يتغلب على مؤسساتها، ويفرض شروطه. هذه خلاصة تجربة مائة عام من عمر الدولة، وإذا كنا راغبين حقا بالسير في طريق تطوير النموذج يتعين علينا إدراك شروط التحول وثوابته.
وإذا كانت المؤسسة الأمنية ممثلة بالمخابرات العامة، قد اضطرت لحمل مسؤوليات واختصاصات مؤسسات أخرى في الدولة، فإن المعارضة بتشكيلاتها المختلفة، كانت سببا في تكريس هذه الوضعية، فقد فضلت قيادتها على الدوام خيار “الاتصال والتواصل” مع “الدائرة” على سواها من مؤسسات الدولة، بدعوى أنها صاحبة القرار والمرجعية. وبينما كانت تلك القوى تطالب على الدوام بالولاية العامة للحكومات، إلا أنها كانت وما تزال تتبنى سلوكا مغايرا في الممارسة اليومية، ولا توفر فرصة، لفتح حوار مع المؤسسة الأمنية، والقبول بشروط اللعبة السياسية ما اتصل منها بالانتخابات النيابية أو النقابية. والامر لا يختلف كثيرا لدى قطاع عريض من رجال الأعمال وأصحاب المصالح الاقتصادية. لقد كانوا جميعا ينشدون دور”الدائرة” حتى عندما تصدهم.
وتشخيص الرسالة الملكية على أنها بداية لتراجع دور المؤسسة الأمنية ينطوي على قدر من سوء الفهم. هي باختصار إعادة تموضع في المساحة المخصصة والأساسية لدائرة المخابرات. لكن هذه المساحة مترشحة أن تتوسع أو تضيق تبعا لمدى استجابة القوى الفعالة في المشهد السياسي الأردني للتوجهات الملكية.
العودة خطوة للوراء ليست أمرا صعبا، وممكنة في أي لحظة تتصرف فيها أطراف المعادلة على نحو صبياني أو دون إدراك ووعي للمسؤوليات الوطنية التي تفرضها مصالح الدولة.
بمعنى آخر، سلوك هذه القوى حاسم لجهة التقدم بمشروع الاصلاح السياسي خطوات للأمام أو التراجع عندما تبرز المخاطر ذاتها التي واجهناها في سنوات الربيع العربي.
إذا كانت مناسبة المئوية الثانية للدولة الأردنية تفرض على مؤسسات الحكم تجديد خطابها وأدواتها ونهجها لمواكبة احتياجات التغيير والتقدم، فإنها تلزم القوى السياسية والحزبية والتيارات الناشطة تطوير خطابها والتخلص من مقاربات الماضي البائسة، ودخول المئوية الجديدة بثوب جديد.
من السذاجة الاعتقاد بأن الرسالة جاءت من موقع الضعف، أو الرغبة في استباق ضغوط خارجية بخطوات إصلاحية. الرسالة الملكية تنم عن شعور بالقوة والثقة بالنفس وبمؤسسات الدولة وقدرتها على تحمل مسؤولياتها بعد أن اختبرت إمكانياتها مع الممارسة والخبرة.
لقد سادت مثل هذه الانطباعات إبان سنوات الربيع العربي، فكان البعض في صفوف المعارضة ينظر إلى خطوات الدولة في مجالات الاصلاح الدستوري والسياسي على أنها تنازلات يتم تحصيلها تحت الضغط.
هذه التفسيرات هي التي ألقت ظلالا من الشك في أوساط الدولة، واعتبرتها مؤشرا قويا على النوايا المبيتة لدى قوى تسعى لكسر الدولة والانقضاض عليها، بوصفها لعملية الإصلاح على أنها مكاسرة لا بد فيها من منتصر وخاسر.
يعلم الجميع ما حصل بعد ذلك، فقد خسر الأردن فرصا ثمينة للتقدم خطوات أبعد على مسار تطوير النموذج الديمقراطي الأردني، بما يتطلب من شروط توافقية وواقعية، تضمن الاستقرار، وتجنبا لخيارات كارثية انتهت إليها نماذج الربيع العربي في أكثر من دولة.
في الأردن تحديدا لا يمكن لطرف مهما بلغ شأنه أن يكسر الدولة، أو يتغلب على مؤسساتها، ويفرض شروطه. هذه خلاصة تجربة مائة عام من عمر الدولة، وإذا كنا راغبين حقا بالسير في طريق تطوير النموذج يتعين علينا إدراك شروط التحول وثوابته.
وإذا كانت المؤسسة الأمنية ممثلة بالمخابرات العامة، قد اضطرت لحمل مسؤوليات واختصاصات مؤسسات أخرى في الدولة، فإن المعارضة بتشكيلاتها المختلفة، كانت سببا في تكريس هذه الوضعية، فقد فضلت قيادتها على الدوام خيار “الاتصال والتواصل” مع “الدائرة” على سواها من مؤسسات الدولة، بدعوى أنها صاحبة القرار والمرجعية. وبينما كانت تلك القوى تطالب على الدوام بالولاية العامة للحكومات، إلا أنها كانت وما تزال تتبنى سلوكا مغايرا في الممارسة اليومية، ولا توفر فرصة، لفتح حوار مع المؤسسة الأمنية، والقبول بشروط اللعبة السياسية ما اتصل منها بالانتخابات النيابية أو النقابية. والامر لا يختلف كثيرا لدى قطاع عريض من رجال الأعمال وأصحاب المصالح الاقتصادية. لقد كانوا جميعا ينشدون دور”الدائرة” حتى عندما تصدهم.
وتشخيص الرسالة الملكية على أنها بداية لتراجع دور المؤسسة الأمنية ينطوي على قدر من سوء الفهم. هي باختصار إعادة تموضع في المساحة المخصصة والأساسية لدائرة المخابرات. لكن هذه المساحة مترشحة أن تتوسع أو تضيق تبعا لمدى استجابة القوى الفعالة في المشهد السياسي الأردني للتوجهات الملكية.
العودة خطوة للوراء ليست أمرا صعبا، وممكنة في أي لحظة تتصرف فيها أطراف المعادلة على نحو صبياني أو دون إدراك ووعي للمسؤوليات الوطنية التي تفرضها مصالح الدولة.
بمعنى آخر، سلوك هذه القوى حاسم لجهة التقدم بمشروع الاصلاح السياسي خطوات للأمام أو التراجع عندما تبرز المخاطر ذاتها التي واجهناها في سنوات الربيع العربي.
إذا كانت مناسبة المئوية الثانية للدولة الأردنية تفرض على مؤسسات الحكم تجديد خطابها وأدواتها ونهجها لمواكبة احتياجات التغيير والتقدم، فإنها تلزم القوى السياسية والحزبية والتيارات الناشطة تطوير خطابها والتخلص من مقاربات الماضي البائسة، ودخول المئوية الجديدة بثوب جديد.
-
أخبار متعلقة
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (2-2) عبدالجبار أبو غربية نموذجاً ومُلهِماً !!
-
النمو الاقتصادي السعودي وفي الخليج العربي
-
اتهامات للأميريكيين في عمان
-
نحنحة
-
أسرى لكن برغبتهم ..!!.
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (1 - 2) هشام عودة نموذجاً وملهِماً !!
-
إلى متى ستحتمل الضفة الغربية؟
-
اليوم عيدُ ميلادي